(تَتِمَّةٌ) يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِشَرَابِ الْخَمْرِ وَيُعَزَّرُ فَاعِلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوبُ مُبَاحًا فِي نَفْسِهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ وَرَتَّبُوا مَجْلِسًا وَأَحْضَرُوا آلَاتِ الشَّرَابِ وَأَقْدَاحِهِ وَصَبُّوا فِيهَا السَّكَنْجَبِينُ وَنَصَبُوا سَاقِيًّا يَدُورُ عَلَيْهِمْ وَيَسْقِيهِمْ فَيَأْخُذُونَ مِنْ السَّاقِي وَيَشْرَبُونَ وَيَجِيءُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِكَلِمَاتِهِمْ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَهُمْ حَرُمَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوبُ مُبَاحًا فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِأَهْلِ الْفَسَادِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي كِتَابِ السَّمَاعِ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ الرِّعَايَةِ: وَمَنْ تَشَبَّهَ بِالشَّرَابِ فِي مَجْلِسِهِ وَآنِيَتِهِ وَحَاضَرَ مَنْ حَاضَرَهُ بِمَحَاضِرِ الشَّرَابِ حُرِّمَ وَعُزِّرَ.
[بَابُ التَّعْزِيرِ]
(بَابُ التَّعْزِيرِ وَهُوَ) لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (التَّأْدِيبُ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي الْقَبِيحَ وَعَزَرْتُهُ بِمَعْنَى نَصَرْتُهُ لِأَنَّهُ مَنْعَ عَدُوّهُ مِنْ أَذَاهُ وَقَالَ السَّعْدِيُّ: يُقَالُ عَزَّرَتْهُ وَقَّرْتُهُ وَأَيْضًا أَدَّبْتُهُ وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى التَّوْقِيرِ إذَا امْتَنَعَ بِهِ وَصُرِفَ عَنْ الدَّنَاءَةِ حَصَلَ لَهُ الْوَقَارُ وَالنَّزَاهَةُ (وَهُوَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ كَاسْتِمْتَاعٍ لَا يُوجِب الْحَدَّ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ.
(وَ) ك (إتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَة) أَيْ الْمُسَاحَقَةُ (وَ) ك (الْيَمِينِ الْغَمُوسِ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَكَدُعَاءٍ عَلَيْهِ وَلَعْنِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ لُعِنَ رَدُّهَا) عَلَى مَنْ لَعَنْهُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ اللَّعْنِ (وَكَسَرِقَةِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ) لِعَدَمِ الْحِرْزِ أَوْ لِكَوْنِهِ دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ وَنَحْوِهِ (وَجِنَايَةٌ لَا قِصَاصَ فِيهَا) كَصَفْعِ وَوَكْزٍ وَهُوَ الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ.
(وَ) كَ (الْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ) كَاللِّوَاطِ (وَكَنَهْبٍ وَغَصْبٍ وَاخْتِلَاسٍ وَسَبِّ صَحَابِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَمَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ (وَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ سَبُّ الصَّحَابِيِّ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَذْفِ جُمْلَةٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ (فَيُعَزَّرُ فِيهَا الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا) لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَفْتَقِرُ إلَى مَا يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِهَا فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِيهَا حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةٌ وَجَبَ أَنْ يُشَرَّعَ فِيهَا التَّعْزِيرُ وَلْيَتَحَقَّقْ الْمَانِعُ مِنْ فِعْلهَا وَقَوْلُهُ " لَا حَدَّ فِيهَا " أَخْرَجَ مَا أَوْجَبَ الْحَدَّ مِنْ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ " وَلَا كَفَّارَةَ خَرَجَ بِهِ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَشَبَهُ الْعَمْدِ وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: قَدْ يُقَالُ يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيهِ أَيْ: فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute