وَلَا يَجْهَرُ بِهِ فَيَكُونَ إظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَالتَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْ الْقَتْلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ (وَيُقْتَلُونَ بِكُلِّ حَالٍ) لِأَنَّ عَلِيًّا: " أُتِيَ بِزَنَادِقَةٍ فَسَأَلَهُمْ فَجَحَدُوا فَقَامَتْ عَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فَقَتَلَهُمْ وَلَمْ يَسْتَتِبْهُمْ " رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ (وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَنْ صَدَقَ مِنْهُمْ فِي تَوْبَتِهِ قُبِلَتْ بَاطِنًا) وَنَفَعَهُ ذَلِكَ (وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ وَ) هُوَ (كَالزِّنْدِيقِ فِي تَوْبَتِهِ) فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ بِالتَّوْبَةِ خِلَافَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إظْهَارِ الْخَيْرِ.
(وَمَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ) مِنْ الْبِدَعِ (قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَوْ) كَانَ (دَاعِيَةً) إلَى بِدْعَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ.
(وَتُقْبَلُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ) لِعُمُومِ حَدِيثِ «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (فَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ عُفِيَ عَنْهُ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ وَلَيِّ الْجِنَايَةِ (فَهَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ) أَيْ الْوَارِث لِلْمَقْتُولِ (فَإِذَا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ وَخَوْفًا مِنْ اللَّهِ وَتَوْبَةٍ نَصُوحًا سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ) عَنْهُ (وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ التَّائِبِ (وَبَيْنَهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَقَبُولُ التَّوْبَةِ فَضْلُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ رَدُّهَا وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ قَبُولُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ: إنَّهُ لَا يَجِبُ وَيَجُوزُ رَدُّهَا وَتَوْبَةُ غَيْرِهِ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْقَطْعِ وَالظَّنِّ وَاخْتِيَارِ أَبِي الْمَعَالِي الظَّنَّ وَأَنَّهُ أَصَحُّ.
[فَصْلُ وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ]
ِّ) إسْلَامُهُ (وَ) تَوْبَةُ (كُلُّ كَافِرٍ مُوَحِّدًا كَانَ) أَيْ مُقِرًّا لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ (كَالْيَهُودِيِّ أَوْ غَيْرِ مُوَحِّدٍ كَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ إسْلَامُهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute