للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشْكَالٍ وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَرَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ فَهَذِهِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْمُعْمَرِ وَالْمَرْقَبِ مَعَ بُطْلَانِ شَرْطِ الْعَوْدِ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الْعَيْنَ لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهُ بِالشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَصَحَّ وَبَطَلَ الشَّرْطُ كَشَرْطِهِ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَوْ جَعَلَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارِهِ لِلْآخَرِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ عَادَتْ إلَيْهِ فَرُقْبَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

(وَلَا يَصِحُّ إعْمَارُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا إرْقَابُهُمَا فَلَوْ قَالَ) رَبُّ دَارٍ (سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ لَكَ عُمُرَكَ أَوْ) قَالَ (غَلَّةُ هَذَا الْبُسْتَانِ) لَكَ عُمُرَكَ (أَوْ) قَالَ (خِدْمَةُ هَذَا الْعَبْدِ) لَكَ عُمُرَكَ (أَوْ) قَالَ (مَنَحْتُكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ الدَّارِ أَوْ الْبُسْتَانِ أَوْ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ (عُمُرَكَ فَعَارِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ فِي حَيَاتِهِ) أَيْ: الْمَمْنُوحِ (وَبَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ (وَيَصِحُّ إعْمَارُ مَنْقُولٍ، وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (إرْقَابُهُ مِنْ حَيَوَانٍ كَعَبْدٍ وَجَارِيَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَبَعِيرٍ وَشَاةٍ.

(وَ) مِنْ (غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَثَوْبٍ وَكِتَابٍ لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» .

[فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ]

(فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ) (وَيَجِبُ عَلَى الْأَبِ، وَ) عَلَى (الْأُمِّ وَعَلَى غَيْرِهِمَا) مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ (التَّعْدِيلُ بَيْنَ مَنْ يَرِثُ بِقَرَابَةٍ مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ) كَأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ وَابْنِهِ وَعَمٍّ وَابْنِهِ (فِي عَطِيَّتِهِمْ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «قَالَتْ امْرَأَةُ بَشِيرٍ لِبَشِيرٍ أُعْطِ ابْنِي غُلَامًا وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي قَالَ: لَهُ إخْوَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: كُلُّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إلَّا عَلَى حَقٍّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَقَالَ فِيهِ «لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ إنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ» .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ أَبِي فِي تِلْكَ الصَّدَقَةِ» وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ فَأَمَرَ بِالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ وَسَمَّى تَخْصِيصَ أَحَدِهِمْ دُونَ الْبَاقِينَ جَوْرًا وَالْجَوْرُ حَرَامٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالْعَدْلِ لِلْوُجُوبِ وَقِيسَ عَلَى الْأَوْلَادِ بَاقِي الْأَقَارِبِ بِجَامِعِ الْقَرَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>