وَخَرَجَ مِنْهُ الزَّوْجَاتُ وَالْمَوَالِي فَلَا يَجِبُ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمْ فِي الْهِبَةِ، وَ (لَا) يَجِبُ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمْ (فِي شَيْءٍ تَافِهٍ) لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ فَلَا يَحْصُلُ التَّأَثُّرُ، وَالتَّعْدِيلُ الْوَاجِبُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ (بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ) اقْتِدَاءً بِقِسْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيَاسًا لِحَالَةِ الْحَيَاةِ عَلَى حَالِ الْمَوْتِ قَالَ عَطَاءٌ: " فَمَا كَانُوا يَقْسِمُونَ إلَّا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ".
فَائِدَةٌ.
نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَحَنْبَلٍ فِيمَنْ لَهُ أَوْلَادٌ زَوَّجَ بَعْضَ بَنَاتِهِ فَجَهَّزَهَا وَأَعْطَاهَا قَالَ يُعْطِي جَمِيعَ وَلَدِهِ مِثْلَ مَا أَعْطَاهَا وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ وَلَدٌ يُزَوِّجُ الْكَبِيرَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُعْطِيهِ قَالَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ كُلَّهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَاهُ أَوْ يَمْنَحَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَوَى عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَى ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ اسْتَوْعَبَهَا الْحَارِثِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إلَّا فِي نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ فَتَجِبُ الْكِفَايَةُ) دُونَ التَّعْدِيلِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ.
قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبَلِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَخَلَ فِيهِ نَظَرُ وَقْفٍ.
(قَالَ الشَّيْخُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَوْلَادِ الذِّمَّةِ) أَيْ: الذِّمِّيِّينَ (انْتَهَى) وَكَلَامُ غَيْرِهِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَارِثِينَ مِنْهُ (وَلَهُ) أَيْ: لِمَنْ ذَكَرَ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَغَيْرِهِمَا (التَّخْصِيصُ) لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ (بِإِذْنِ الْبَاقِي) مِنْهُمْ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ التَّخْصِيصِ كَوْنُهُ يُوَرِّثُ الْعَدَاوَةَ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْإِذْنِ (فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ) بِالْعَطِيَّةِ (أَوْ فَضَّلَهُ) فِي الْإِعْطَاءِ (بِلَا إذْنِ) الْبَاقِي (أَثِمَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ) فِيمَا خَصَّ أَوْ فَضَلَ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ (أَوْ إعْطَاءُ الْآخَرِ وَلَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ (حَتَّى يَسْتَوُوا) بِمَنْ خَصَّهُ أَوْ فَضَّلَهُ.
قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ (كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَحَدَ بَنِيهِ فِي صِحَّتِهِ وَأَدَّى عَنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ مَرِضَ الْأَبُ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (فَإِنَّهُ يُعْطِي ابْنَهُ الْآخَرَ كَمَا أَعْطَى الْأَوَّلَ) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ هُنَا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَلَكَتْ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ.
(وَلَا يُحْسَبُ) مَا يُعْطِيهِ الْأَبُ لِابْنِهِ الثَّانِي (مِنْ الثُّلُثِ) مَعَ أَنَّهُ عَطِيَّةٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (لِأَنَّهُ تَدَارُكٌ لِلْوَاجِبِ أَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ) وَيَجُوزُ لِلْأَبِ تَمَلُّكُ مَا يُعْطِيهِ لِلتَّسْوِيَةِ بِلَا حِيلَةٍ قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ.
وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا (وَإِنْ مَاتَ) الْمُخَصِّصُ أَوْ الْمُفَضِّلُ (قَبْلَ التَّسْوِيَةِ) بَيْنَ وَرَثَتِهِ (ثَبَتَ) أَيْ: اسْتَقَرَّ الْمِلْكُ (لِلْمُعْطَى) فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِذِي رَحِمٍ فَلَزِمَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ (مَا لَمْ تَكُنْ الْعَطِيَّةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ، فَحُكْمُهَا كَالْوَصِيَّةِ وَيَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute