(وَالتَّسْوِيَةُ هُنَا) بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَنَحْوِهِمْ (الْقِسْمَةُ لِلذِّكْرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا (وَالرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ) أَيْ: رُجُوعُ الْمُخَصِّصِ أَوْ الْمُفَضِّلِ بَعْدَ الْقَبْضِ (يَخْتَصُّ بِالْأَبِ دُونَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا) كَالْجَدِّ وَالِابْنِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ.
(وَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً وَلَوْ) كَانَ الْأَدَاءُ (بَعْدَ مَوْتِ الْمُخَصِّصِ وَالْمُفَضِّلِ إذَا عَلِمَ) الشَّاهِدُ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّفْضِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: «لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ» فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَهُوَ أَمْرٌ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ الِاسْتِحْبَابُ فَكَيْفَ تَحْرُمُ الشَّهَادَةُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَهْدِيدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْمَعْنَى بَشِيرٌ لَبَادَرَ إلَى الِامْتِثَالِ وَلَمْ يَرُدَّ الْعَطِيَّةَ.
(وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَاسِدٌ عِنْدَ الشَّاهِدِ) كَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَبَيْعِ غَيْرِ مَلِيءٍ وَلَا مَوْصُوفٍ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مَنْ يَرَاهُ حَرُمَ عَلَى الْحَنْبَلِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَتُكْرَهُ) الشَّهَادَةُ (عَلَى عَقْدِ نِكَاحٍ) مِنْ (مُحْرِمٍ بِنُسُكٍ) حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ حَلَالًا وَإِلَّا حُرِّمَتْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ (وَتَقَدَّمَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا وَلَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَعْضِ ذَا حَاجَةٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ عَمَى أَوْ عِيَالٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا، أَوْ مُبَذِّرًا أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى.
فِي الرَّجُلِ لَهُ الْوَلَدُ الْبَارُّ الصَّالِحُ وَآخَرُ غَيْرُ بَارٍّ لَا يُنِيلُ الْبَارَّ دُونَ الْآخَرِ (وَقِيلَ إنْ أَعْطَاهُ لِمَعْنًى فِيهِ مِنْ حَاجَةٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ عَمًى أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاحِهِ (أَوْ مَنَعَ بَعْضَ وَلَدِهِ لِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ يَعْصِي اللَّهَ بِمَا يَأْخُذُهُ وَنَحْوِهِ جَازَ التَّخْصِيصُ) وَالتَّفْضِيلُ بِالْأَوْلَى (اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) اسْتِدْلَالًا بِتَخْصِيصِ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَيْسَ إلَّا لِامْتِيَازِهَا بِالْفَضْلِ وَلَنَا عُمُومُ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ وَفِعْلُ الصِّدِّيقِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَحَلَ مَعَهَا غَيْرَهَا، أَوْ أَنَّهُ نَحَلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْحَلَ غَيْرَهَا فَأَدْرَكَهُ الْمَرَضُ وَنَحْوُهُ.
(وَلَا يُكْرَهُ) لِلْإِنْسَانِ (قَسْمُ مَالِهِ بَيْنَ وُرَّاثِهِ) عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ يُولَدَ لَهُ) لِأَنَّهَا قِسْمَةٌ لَيْسَ فِيهَا جَوْرٌ فَجَازَتْ فِي جَمِيعِ مَالِهِ كَبَعْضِهِ (فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَارِثٌ) بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ (سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) بِمَا تَقَدَّمَ (وُجُوبًا) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ.
(وَإِنْ وُلِدَ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute