عَلَيَّ أَنِّي قَدْ وَلَّيْتُهُ قَضَاءَ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَقَدَّمْتُ عَلَيْهِ بِمَا يَشْتَمِلُ هَذَا الْعَهْدِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي وَلَّاهُ فِيهِ بَعِيدًا لَا يَسْتَفِيضُ إلَيْهِ الْخَبَرُ بِمَا يَكُونُ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ (وَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ) عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِذَلِكَ.
(وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ) الَّذِي وَلَّاهُ فِيهِ (قَرِيبًا مِنْ بَلَدِ الْإِمَامِ لِيَسْتَفِيضَ إلَيْهِ مَا يَجْرِي فِي بَلَدِ الْإِمَامِ نَحْوُ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا جَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالِاسْتِفَاضَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ) أَيْ كَمَا يَكْتَفِي بِالِاسْتِفَاضَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَعَنْ الْإِشْهَادِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْوِلَايَةِ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ وَاسْتِفَاضَةٌ وَظَاهِرُهُ مَعَ الْبُعْدِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ وَلَوْ كَانَ نَائِبَ الْإِمَامِ) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامِ الْكُبْرَى تَصِحُّ مِنْ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، فَتَصِحُّ وِلَايَتُهُ كَالْعَدْلِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ فِي الْمُوَلِّي أَفْضَى إلَى تَعَذُّرِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (وَأَلْفَاظُ التَّوْلِيَةِ الصَّحِيحَةِ سَبْعَةٌ: وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ وَقَلَّدْتُكَ) الْحُكْمَ (وَاسْتَنَبْتُكَ) فِي الْحُكْمِ (وَاسْتَخْلَفْتُكَ) فِي الْحُكْمِ (وَرَدَدْتُ إلَيْكَ) الْحُكْمَ (وَفَوَّضْتُ إلَيْكَ) الْحُكْمَ (وَجَعَلْتُ إلَيْكَ الْحُكْمَ، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ السَّبْعَةِ.
(وَقَبِلَ الْمُوَلَّى الْحَاضِرُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ) قَبِلَ (الْغَائِبُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ (أَوْ شَرَعَ الْغَائِبُ فِي الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ) الْوِلَايَةُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَدُلُّ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ دَلَالَةً لَا تَفْتَقِرُ مَعَهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فِي الْأَصَحِّ انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَالْكِنَايَةُ نَحْوَ: اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ وَعَوَّلْتُ عَلَيْكَ وَوَكَّلْتُ إلَيْكَ وَأَسْنَدْتُ الْحُكْمَ إلَيْك فَلَا تَنْعَقِدُ) الْوِلَايَةُ بِكِنَايَةٍ مِنْهَا (حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهَا قَرِينَةٌ نَحْوُ: فَاحْكُمْ أَوْ فَتَوَلَّ مَا عَوَّلْتُ فِيهِ عَلَيْكَ وَمَا أَشْبَهَهُ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَحْتَمِلُ التَّوْلِيَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ كَوْنِهِ يَأْخُذُ بِرَأْيِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا تَنْصَرِفُ إلَى التَّوْلِيَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَنْفِي الِاحْتِمَالَ.
[فَصْلٌ وَتُفِيدُ وِلَايَة الْحُكْمِ الْعَامَّةِ]
ُ أَيْ الَّتِي لَمْ تُخَصَّ بِحَالَةٍ دُونَ حَالَّةِ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ) الْقَاضِي (بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَدَفْعُهُ إلَى رَبِّهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: تَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ (وَالنَّظَرُ فِي أَمْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute