[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]
(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ) الْأَنْصِبَاءُ جَمْعُ نَصِيبٍ كَالْأَنْصِبَةِ وَهُوَ الْحَظُّ مِنْ الشَّيْءِ وَأَنْصَبَهُ جَعَلَ لَهُ نَصِيبًا وَهُمْ يَتَنَاصَبُونَهُ أَيْ: يَقْتَسِمُونَهُ وَالْأَجْزَاءُ جَمْعُ جُزْءٍ وَهُوَ الطَّائِفَةُ مِنْ الشَّيْءِ وَالْجَزْءُ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ وَجَزَّأْت الشَّيْءَ جُزْءًا وَجَزَّأْتُهُ تَجْزِئَةً جَعَلْته أَجْزَاءً وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَزَّأَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ - مُشَدَّدٌ لَا غَيْرَ - قَسَّمَهُ وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْمُحَرَّرِ بِبَابِ حِسَابِ الْوَصَايَا.
وَفِي الْفُرُوعِ بِبَابِ عَمَلِ الْوَصَايَا وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْعِلْمُ بِنِسْبَةِ مَا يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ إلَى أَنْصِبَاءِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مَنْسُوبَةً إلَى جُمْلَةِ التَّرِكَةِ أَوْ إلَى نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَلِذَلِكَ طُرُقٌ نُبَيِّنُ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا.
وَتَنْقَسِمُ مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ، وَقِسْمٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَقِسْمٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ وَتَأْتِي مُرَتَّبَةً فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إذَا أَوْصَى لَهُ) أَيْ: لِزَيْدٍ مَثَلًا (بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ) بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ وَنَحْوِهَا كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِي فُلَانٌ أَوْ ابْنِي هَذَا أَوْ أُخْتِي وَنَحْوُهُ (أَوْ) وَصَّى لَهُ (بِنَصِيبِهِ) أَيْ: الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (مِثْلُ نَصِيبِهِ) أَيْ: الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ (مَضْمُومًا إلَى الْمَسْأَلَةِ) أَيْ: مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ لَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيرُ الْوَصِيَّةِ فَلَا أَثَرَ لِذِكْرِ الْوَارِثِ، وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ وَنَحْوِهِ الْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَإِنَّهُ مُمْكِنُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرٌ وَأَيْضًا فَيَبْعُدُ حُصُولُ نَصِيبِ الِابْنِ لِلْغَيْرِ فَيَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى إضْمَارِ لَفْظَةِ الْمِثْلِ.
(فَإِذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ بِنَصِيبِ ابْنِهِ) بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ مِثْلِ (وَلَهُ ابْنَانِ) وَارِثَانِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (الثُّلُثُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ مَا يَحْصُلُ لِابْنِهِ لِأَنَّ الثُّلُثَ إذَا خَرَجَ بَقِيَ ثُلُثَا الْمَالِ لِكُلِّ ابْنٍ ثُلُثٌ.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْبَنُونَ (ثَلَاثَةً فَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (الرُّبُعُ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ) أَيْ: الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ (بِنْتٌ فَلَهُ تُسُعَانِ) لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سَبْعَةٍ لِكُلِّ ابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ فَتَصِيرُ تِسْعَةً وَالِاثْنَانِ مِنْهَا تُسُعَانِ.
(وَ) إنْ وَصَّى لَهُ (بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ) الْمُتَيَقَّنُ.
(وَ) إنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا (بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَلَهُ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء: ٧٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute