وَقَوْلِهِ {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} [سبأ: ٣٧] وَقَوْلِهِ: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: ٣٩] وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَضْعَفَ الزَّكَاةَ عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ الْمِائَتَيْنِ عَشْرَةً قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الضِّعْفُ الْمِثْلُ فَمَا فَوْقَهُ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ الضِّعْفَيْنِ الْمِثْلَانِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّحْوِيِّ قَالَ الْعَرَبُ: تَتَكَلَّمُ بِالضِّعْفِ مُثَنًّى فَتَقُولُ: إنْ أَعْطَيْتنِي دِرْهَمًا فَلَكَ ضِعْفَاهُ، أَيْ: مِثْلَاهُ وَإِفْرَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّ التَّثْنِيَةَ أَحْسَنُ.
(وَ) إنْ وَصَّى (بِضِعْفَيْهِ) أَيْ: ضِعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ (ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ، وَ) إنْ وَصَّى لَهُ بِ (ثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ) فَلَهُ (أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ وَهَلُمَّ جَرًّا) أَيْ: كُلَّمَا زَادَ ضِعْفًا زَادَ مِثْلًا لِأَنَّ التَّضْعِيفَ ضَمُّ الشَّيْءِ إلَى مِثْلِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: ضِعْفُ الشَّيْءِ هُوَ وَمِثْلُهُ، وَضِعْفَاهُ هُوَ وَمِثْلَاهُ وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ وَلَوْلَا أَنَّ ضِعْفَيْ الشَّيْءِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِضِعْفِ الشَّيْءِ وَبِضِعْفَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مُرَادٌ وَمَقْصُودٌ وَإِرَادَةُ الْمِثْلَيْنِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠] إنَّمَا فُهِمَ مِنْ لَفْظِ " يُضَاعَفْ " لِأَنَّ التَّضْعِيفَ ضَمُّ الشَّيْءِ إلَى مِثْلِهِ فَكُلٌّ مِنْ الْمِثْلَيْنِ الْمُنْضَمَّيْنِ ضِعْفٌ كَمَا قِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ زَوْجٌ، وَالزَّوْجُ هُوَ الْوَاحِدُ الْمَضْمُومُ إلَى مِثْلِهِ.
(وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَرِثُ لِرِقِّهِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِدِينِهِ) أَيْ: لِلْوَارِثِ (أَوْ) وَصَّى لَهُ (بِنَصِيبِ أَخِيهِ وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ مِيرَاثِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ) لِأَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِلِابْنِ أَوْ الْأَخِ الْمَذْكُورَيْنِ فَمِثْلُ أَحَدِهِمَا لَا شَيْءَ لَهُ.
(وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ: يُعَيِّنْهُ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي فَلَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
(أَوْ) وَصَّى لَهُ (بِمِثْلِ نَصِيبِ أَقَلِّهِمْ مِيرَاثًا كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ مِيرَاثًا) عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ (فَلَوْ كَانُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ (ابْنًا وَأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ صَحَّتْ) مَسْأَلَتُهُمْ (مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ) (لِأَنَّ أَصْلَهَا ثَمَانِيَةٌ لِلزَّوْجَاتِ سَهْمٌ) عَلَيْهِنَّ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يُوَافِقُ فَاضْرِبْ عَدَدَهُنَّ فِي ثَمَانِيَةٍ تَبْلُغُ ذَلِكَ (لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ) وَالْبَاقِي لِلِابْنِ (وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ) كَنَصِيبِ إحْدَى الزَّوْجَاتِ (يُزَادُ عَلَيْهَا) أَيْ: الْمَسْأَلَةِ (فَتَصِيرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ) لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَلِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ.
(وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute