[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]
فَصْلٌ (صِفَةُ الْوُضُوءِ) الْكَامِلِ (أَنْ يَنْوِيَ) الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي كُلِّ طَاعَةٍ إلَّا لِدَلِيلٍ (ثُمَّ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا) فَلَوْ قَالَ بِسْمِ الرَّحْمَنِ أَوْ الْقُدُّوسِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ لَهُ لِمَا يَأْتِي (وَهِيَ) أَيْ التَّسْمِيَةُ (وَاجِبَةٌ فِي وُضُوءٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مَنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.
وَسُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: أَيُّ حَدِيثٍ أَصَحُّ فِي التَّسْمِيَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ وَمَحَلُّهَا اللِّسَانُ لِأَنَّهَا ذِكْرٌ وَوَقْتُهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْوَاجِبَاتِ وُجُوبًا، وَأَوَّلِ الْمَسْنُونَاتِ اسْتِحْبَابًا كَالنِّيَّةِ (وَ) هِيَ وَاجِبَةٌ أَيْضًا فِي (غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ) قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ (وَتَسْقُطُ) فِي الثَّلَاثَةِ (سَهْوًا) نَصًّا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَغَايَرُ أَفْعَالُهَا، فَكَانَ مِنْ وَاجِبَاتِهَا مَا يَسْقُطُ سَهْوًا كَالصَّلَاةِ قُلْت مُقْتَضَى قِيَاسِهِمْ عَلَى الصَّلَاةِ سُقُوطُهَا جَهْلًا، خِلَافًا لِمَا بَحْثُهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قِيَاسًا عَلَى الذَّكَاةِ وَالظَّاهِرُ إجْزَاؤُهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَلَوْ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا كَالذَّكَاةِ إذْ لَا فَرْقُ (وَإِنْ ذَكَرَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ أَثْنَاءِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ (سَمَّى وَبَنَى) لِأَنَّهُ لَمَّا عُفِيَ عَنْهَا مَعَ السَّهْوِ فِي جُمْلَةِ الطَّهَارَةِ فَفِي بَعْضِهَا أَوْلَى قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَرَوْضَةُ الْفِقْهِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ.
وَحَكَاهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ الشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَبْدُوسٍ انْتَهَى وَشَارِحُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّيْخُ يُوسُفَ الْمِرْدَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ: نِهَايَةِ الْحُكْمِ الْمَشْرُوعِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَالْعَسْكَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُبْهِجِ وَغَيْرُهُمْ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ: وَحَكَاهُ عَنْ الْفُرُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى قَالَ لَكِنْ إنْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِهِ ابْتِدَاءً قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى جَمِيعِهِ.
فَوَجَبَ كَمَا لَوْ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِهِ (فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ (عَمْدًا) لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute