[فَصْلٌ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ]
(فَصْلٌ) فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ (وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا مَحْضًا وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْجَائِفَةِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ «لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا» وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَيَكُونَ كَالْإِجْمَاعِ: وَعَنْ عُمَرَ نَحْوُهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمِّ إلَّا أَنْ تَشَاءَ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّ حَمْلَ الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ إنَّمَا هُوَ مُوَاسَاةٌ لِلْعُذْرِ وَالْعَامِدُ لَيْسَ بِمَعْذُورٍ (وَلَا) تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ (عَبْدًا قَتَلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَلَا دِيَةَ (طَرَفِهِ وَلَا جِنَايَتِهِ) لِمَا سَبَقَ (وَلَا) تَحْمِلُ (قِيمَةَ دَابَّةٍ) كَالْعَبْدِ (وَلَا) تَحْمِلُ (صُلْحَ إنْكَارٍ وَلَا) تَحْمِلُ (اعْتِرَافًا بِأَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ إنْ لَمْ تُصَدِّقهُ الْعَاقِلَةُ) لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا) تَحْمِلُ (مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ دِيَةُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) لِقَضَاءِ عُمَرَ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ عَقْلَ الْمَأْمُومَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ، فَكَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ لَكِنْ خُولِفَ فِي الثُّلُثِ لِإِجْحَافِهِ بِالْجَانِي لِكَثْرَتِهِ فَمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ وَالثُّلُثُ حَدُّ الْكَثِير لِلْخَبَرِ (إلَّا غُرَّةُ جَنِينٍ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٌ أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ مَوْتِهَا) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَاحِدَةٌ فَتَبِعَهَا مَعَ زِيَادَتِهَا مَعَ الثُّلُثِ وَ (لَا) تَحْمِلُ الْغُرَّةَ إنْ مَاتَ الْجَنِينُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ أُمِّهِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنَايَةِ فَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ (لِنَقْصِهِ عَنْ الثُّلُثِ) وَلَا تَبَعِيَّةَ لِمَوْتِهِ قَبْلَهَا (فَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ الْعَمْدُ الْمَحْضُ وَقِيمَةُ الدَّابَّةِ وَصُلْحِ الْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَافِ وَمَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ (فِي مَالِ الْجَانِي حَالًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَانِي حَالًا لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفِ قِيمَةِ الْمَتَاعِ خُولِفَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِدَلِيلِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (دِيَةَ الْمَرْأَةِ) الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّهَا نِصْفُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ دِيَةِ الْكَافِرَةِ فَلَا تَحْمِلُهَا لِأَنَّهَا دُونَ الثُّلُثِ (وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (مِنْ جِرَاحِهَا) أَيْ الْمُسْلِمَةِ (مَا يَبْلُغُ أَرْشُهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَر كَدِيَةِ أَنْفِهَا) لِأَنَّ فِيهِ دِيَتَهَا وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَ (لَا) فَتَحْمِل دِيَةَ (يَدِهَا) لِأَنَّهَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَهِيَ الرُّبْعُ (وَكَذَا حُكْمُ الْكِتَابِيِّ) فَتَحْمِلُ دِيَتَهُ وَمَا يَبْلُغُ أَرْشُهُ مِنْ جِرَاحَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute