بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ النُّصْحِ عَلَى اسْتِنْصَاحِهِ؟ وَيَتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ لَا يُخَالِفُهُ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.
[فَصْلٌ مِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَقْبِضْهُ]
فَصْلٌ وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ (أَوْ بِثَمَنِ) حَالٍّ (لَمْ يَقْبِضْهُ صَحَّ) الشِّرَاءُ حَيْثُ لَا مَانِعَ (وَحَرُمَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى بَائِعِهَا (شِرَاؤُهَا وَلَمْ يَصِحَّ) مِنْهُ شِرَاؤُهَا (نَصًّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ بِ) نَقْدٍ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ (أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا) بِهِ (بِنَقْدٍ) أَيْ حَالٍّ (أَوْ نَسِيئَةٍ وَلَوْ بَعْدَ حِلِّ أَجَلِهِ) أَيْ: أَجَلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (نَصًّا) نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ لِمَا رَوَى غُنْدَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَتِهِ الْعَالِيَةِ قَالَتْ «دَخَلْتُ أَنَا وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ إنِّي بِعْت غُلَامًا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا فَقَالَتْ لَهَا: بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا شَرَيْتِ أَبْلَغِي زَيْدًا أَنَّ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَطَلَ، إلَّا أَنْ يَتُوبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَسَعِيدٌ.
وَلَا تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ إلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا لِيَسْتَبِيحَ بَيْعَ أَلْفٍ بِنَحْوِ خَمْسِمِائَةٍ إلَى أَجَلٍ وَالذَّرَائِعُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّرْعِ، بِدَلِيلِ مَنْعِ الْقَاتِلِ مِنْ الْإِرْثِ (إلَّا إنْ تَتَغَيَّرَ صِفَتُهَا بِمَا يَنْقُصُهَا) كَعَبْدٍ قُطِعَتْ يَدُهُ (أَوْ يَقْبِضَ ثَمَنَهَا) بِأَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ وَقَبَضَ ثَمَنَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَوَسُّلَ بِهِ إلَى الرِّبَا (وَإِنْ اشْتَرَاهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَغُلَامِهِ أَوْ مُكَاتِبِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ (وَلَا حِيلَةَ) جَازَ وَصَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشِّرَاءِ (أَوْ اشْتَرَاهَا) بَائِعُهَا (مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهَا) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مِمَّنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (أَوْ) اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ (أَوْ بِنَقْدٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ، أَوْ اشْتَرَاهَا بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهَا بِعِوَضٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَلَمْ يَحْرُمْ) لِانْتِفَاءِ الرِّبَا الْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ بِهِ.
(وَإِنْ قَصَدَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ) الْعَقْدَ (الثَّانِيَ بَطَلَا) أَيْ: الْعَقْدَانِ (قَالَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ) : وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا بَطَلَ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ ذَرِيعَةً لَلرِّبَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute