مَوْجُودَةٌ إذَنْ فِي الْأَوَّلِ.
(وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى) مَسْأَلَةُ (الْعِينَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ (؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ إلَى أَجَلٍ يَأْخُذُ بَدَلَهَا عَيْنًا أَيْ نَقْدًا حَاضِرًا) قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَدَّانِ أَمْ نَعْتَانِ أَمْ يَشْتَرِي لَنَا ... فَتًى مِثْلَ نَصْلِ السَّيْفِ مِيزَتْ مَضَارِبُهُ
وَمَعْنَى " نَعْتَانِ " نَشْتَرِي عِينَةً كَمَا وُصِفَتَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ» .
(وَعَكْسُهَا) أَيْ عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ أَوَّلًا بِنَقْدٍ يَقْبِضُهُ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ جِنْسِهِ نَسِيئَةً أَوْ لَمْ يَقْبِضْ (مِثْلَهَا) فِي الْحُكْمِ نَقَلَهُ حَرْبٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ وَسِيلَةً إلَى الرِّبَا.
(قَالَ الشَّيْخُ وَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ، حَتَّى يَقْلِبَ عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَمَتَى قَالَ) رَبُّ الدَّيْنِ (إمَّا أَنْ تَقْلِبَ) الدَّيْنَ (وَإِمَّا أَنْ تَقُومَ مَعِي إلَى عِنْدِ الْحَاكِمِ، وَخَافَ أَنْ يَحْبِسَهُ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ عِنْدَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَقَلَبَ عَلَى الْوَجْهِ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ حَرَامًا غَيْرَ لَازِمَةٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْغَرِيمَ مُكْرَهٌ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَنْ نَسَبَ جَوَازَ الْقَلْبِ عَلَى الْمُعْسِرِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَل إلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ وَغَلَطَ وَإِنَّمَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي الْمُعَامَلَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ مِثْلَ التَّوَرُّقِ وَالْعِينَةِ انْتَهَى) كَلَامُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَلَوْ احْتَاجَ) إنْسَانٌ (إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَلَا بَأْسَ) بِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى (مَسْأَلَةَ التَّوَرُّقِ) مِنْ الْوَرِقِ وَهُوَ الْفِضَّةُ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ يَبِيعُ بِهَا.
(وَإِنْ بَاعَ) إنْسَانٌ (مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا) كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِثَمَنٍ نَسِيئَةً ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِثَمَنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ مَا كَانَ بَاعَهُ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بُرًّا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِالدَّرَاهِمِ بُرًّا (أَوْ) اشْتَرَى (بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (نَسِيئَةً بِأَنْ اشْتَرَى بِثَمَنِ الْمَكِيلِ مَكِيلًا، أَوْ بِثَمَنِ الْمَوْزُونِ مَوْزُونًا لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ وَلَمْ يَصِحَّ حَسْمًا لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِالرِّبَوِيِّ نَسِيئَةً وَيَكُونُ الثَّمَنُ الْمُعَوَّضُ عَنْهُ بَيْنَهُمَا كَالْمَعْدُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ الْأَوَّلُ حَيَوَانًا أَوْ ثِيَابًا (فَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ اشْتَرَى الرِّبَوِيَّ (بِثَمَنٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ إلَيْهِ أَيْ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute