غَصَبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ بِبَدَلِهِ.
(وَإِنْ) قَالَ الْوَلِيُّ هَذَا حَرَامٌ (لَمْ يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدٍ لَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَحِقُّهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (فِي مُرَادِهِ) بِقَوْلِهِ: هَذَا حَرَامٌ لِأَنَّهُ أَدْرَى (وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ لَا يُمْكِنُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجِيئُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى بَلَدِ الْمَقْتُولِ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَطَلَتْ الدَّعْوَى) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَتْلِ مِنْهُ إذَنْ (وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقْتُلْهُ لَمْ تُسْمَعْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ) كَمَا لَوْ شَهِدْت أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَإِنْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ بَلْ قَتَلَهُ فُلَانٌ سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَعُمِلَ بِهَا لِأَنَّهَا عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ كَقَوْلِهَا: هَذَا وَارِثُ زَيْدٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ (وَإِنْ قَالَ إنْسَانٌ: مَا قَتَلَهُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ لَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (الْقَسَامَةُ) لِاحْتِمَالِ كَذِب الْمُقِرِّ (وَلَا يَلْزَمهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ الدِّيَةِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ ظُلْمُهُ.
(وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ أَوْ طَالَبَهُ) الْوَلِيُّ (بِمُوجِبِ الْقَتْلِ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ مَا أَخَذَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيقِ الْوَلِيّ أَنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي وَعَنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَحْيَا نَفْسًا (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (مُطَالَبَةُ الثَّانِي بِالدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَفِي الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ: وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ.
[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْقَتْلِ ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ]
(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ) لِلْقَتْلِ (ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ وَلَوْ وَاحِدًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُقْسِمُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ» وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا قَتْلُ الْعَمْدِ فَاعْتُبِرَ كَوْنُهَا مِنْ رِجَالٍ عُقَلَاءَ كَالشَّهَادَةِ (فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ) فِي الْقَسَامَةِ فَلَا يُسْتَحْلَفْنَ لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ.
(وَ) لَا (الْخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (وَ) لَا مَدْخَلَ أَيْضًا (لِلصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ فِي الْقَسَامَةِ) لِأَنَّ قَوْلَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ فَكَذَا لَا يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا (عَمْدً كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً) لِأَنَّ الْخَطَأَ أَحَدُ الْقَتْلَيْنِ أَشْبَهَ الْآخَرَ لَا يُقَالُ الْخَطَأُ يُثْبِتُ الْمَالَ وَلِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الْقَتْلِ وَمِثْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute