كَعَبْدٍ أَبِقَ وَجَمَلٍ شَرَدَ (فَأَدَّى قِيمَتَهُ) لِلْحَيْلُولَةِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (أُجْرَتُهُ إلَى وَقْتِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ) فَقَطْ (فَإِنْ قَدَرَ) الْغَاصِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (بَعْدَ) أَنْ كَانَ عَجَزَ عَنْهُ (لَزِمَهُ رَدُّهُ) لِمَالِكِهِ (كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ حِينِ دَفَعَ) الْغَاصِبُ (بَدَلَهُ إلَى رَدِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ بِقَبْضِ قِيمَتِهِ اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ بِبَدَلِهِ الَّذِي هُوَ قِيمَتُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَبِبَدَلِهِ الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ.
(وَمَنَافِعُ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ (كَمَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ وَالتَّفْوِيتِ) أَيْ يَضْمَنُهَا الْقَابِضُ سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَوْ تَرَكَهَا تَذْهَبُ لِمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ عُقُودِ الْأَمَانَاتِ كَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهَا وَلِهَذَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ شَيْئًا عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَهُ.
(وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ ذَا صَنَائِعَ لَزِمَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (أُجْرَةُ أَعْلَاهَا) صَنْعَةً (فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي صَنْعَتَيْنِ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ غَايَةَ مَا يَحْصُلُ لِسَيِّدِهِ بِهِ مِنْ النَّفْعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي أَعْلَى مَا يُحْسِنُهُ مِنْ الصَّنَائِعِ (وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ لَوْ حَبَسَ حُرًّا أَوْ اسْتَعْمَلَهُ كَرْهًا) فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ ذَا صَنَائِعَ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا.
[فَصْلٌ تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ]
(فَصْلٌ وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ) وَكَذَا غَيْرُ الْغَاصِبِ (وَهِيَ) أَيْ التَّصَرُّفَاتُ الْحُكْمِيَّةُ (مَا لَهَا حُكْمٌ مِنْ صِحَّةٍ أَوْ فَسَادٍ) أَيْ مَا تُوصَفُ تَارَةً بِالصِّحَّةِ وَتَارَةً بِالْفَسَادِ (كَالْحَجِّ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ) الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَغْصُوبِ إذَا فَعَلَهَا عَالِمًا ذَاكِرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ كَالصَّلَاةِ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ وَالْوُضُوءِ مِنْ مَاءٍ مَغْصُوبٍ وَإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ بِخِلَافِ عِبَادَةٍ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَالصَّوْمِ وَالذِّكْرِ وَالِاعْتِقَادِ.
(وَالْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) لِلْمَغْصُوبِ (وَالْإِنْكَاحِ كَأَنْ أَنْكَحَ) الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ (الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ وَنَحْوَهَا) أَيْ نَحْوَ الْمَذْكُورَاتِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ (تَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ لِحَدِيثِ: «مَنْ عَمَلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» أَيْ مَرْدُودٌ (وَتَحْرُمُ) التَّصَرُّفَاتُ (غَيْرُ الْحُكْمِيَّةِ) فِي الْمَغْصُوبِ (كَإِتْلَافِ) الْمَغْصُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute