[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]
فَصْلٌ وَيَجِبُ الْعُشْرُ وَهُوَ (وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ) إجْمَاعًا (فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ) أَيْ كُلْفَةٍ (كَالْغَيْثِ، وَهُوَ الْمَطَرُ، وَ) ك (السُّيُوحِ) جَمْعُ سَيْحٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (كَالْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي) الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ الْأَنْهَارِ بِلَا آلَةٍ (وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، وَهُوَ الْبَعْلُ وَلَا يُؤَثِّر) مُؤْنَةُ (حَفْرِ الْأَنْهَارِ) وَحَفْرِ (السَّوَاقِي) فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ.
(وَ) لَا تُؤَثِّرُ أَيْضًا مُؤْنَةُ (تَنْقِيَتِهَا) أَيْ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي (وَ) لَا مُؤْنَةُ (سَقْيٍ) أَيْ مَنْ يَسْقِي بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي (فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ، لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَذَا مَنْ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي السَّوَاقِي لِأَنَّهُ كَحَرْثِ الْأَرْضِ) وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي السَّقْيِ بِكُلْفَةٍ.
(وَإِنْ اشْتَرَى مَاءَ بِرْكَةٍ أَوْ حَفِيرَةٍ وَسَقَى بِهِ سَيْحًا فَ) الْوَاجِبُ (الْعُشْرُ وَكَذَا إنْ جَمَعَهُ وَسَقَى بِهِ) سَيْحًا فَيَجِبُ الْعُشْرُ، لِنُدْرَةِ هَذِهِ الْمُؤْنَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمَاءِ لَهُ لَا فِي السَّقْيِ بِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي مِنْ النَّهْرِ فِي سَاقِيَةٍ إلَى الْأَرْضِ، وَيَسْتَقِرُّ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ وَجْهِهَا، إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ: إلَى آلَةٍ مِنْ غَرْبٍ أَوْ دُولَابٍ فَهُوَ مِنْ الْكُلْفَةِ الْمُسْقِطَةِ لِنِصْفِ الْعُشْرِ.
(وَيَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ، كَالدَّوَالِي جَمْعُ دَالِيَةٍ، وَهِيَ الدُّولَابُ تُدِيرُهُ الْبَقَرُ) وَيُسَمُّونَهَا بِمِصْرَ سَاقِيَةً (وَالنَّاعُورَةُ يُدِيرُهَا الْمَاءُ وَالسَّانِيَةُ) بِالنُّونِ.
(وَ) هِيَ (النَّوَاضِحُ وَاحِدُهَا: نَاضِحٌ وَنَاضِحَةٌ، وَهُمَا الْبَعِيرُ يُسْتَقَى عَلَيْهِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ) أَيْ رَفْعِهِ إلَيْهَا (إلَى آلَةٍ مِنْ غَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عُثْرِيًّا: الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ سُمِّيَ عُثْرِيًّا: لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ فِي مَجْرَى الْمَاءِ عَاثُورًا فَإِذَا صَدَمَهُ الْمَاءُ تَرَادَّ، فَدَخَلَ تِلْكَ الْمَجَارِي فَتَسْقِيه وَلِأَنَّ لِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرًا فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ فَفِي تَخْفِيفِهَا أَوْلَى.
(وَقَالَ الشَّيْخُ وَمَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ مِنْ النَّوَاعِيرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُصْنَعُ مِنْ الْعَامِ إلَى الْعَامِ، أَوْ) يُصْنَعُ (فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دُولَابٍ تُدِيرُهُ الدَّوَابُّ: يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ خَفِيفَةٌ فَهِيَ كَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ) فَلَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute