للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُعِلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِئَلَّا يَبْتَلَّ فَيَفْسُدَ بِهِ (وَلَا يَتَنَجَّسُ مَا نُشِّفَ بِهِ) الْمَيِّتُ مِنْ ثَوْب أَوْ نَحْوِهِ (لِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ) لِحَدِيثِ «سُبْحَانَ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ» .

(وَمُحْرِمٌ مَيِّتٌ كَهُوَ) أَيْ كَمُحْرِمٍ (حَيٍّ `) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ (فَيُجَنَّبُ) الْمُحَرَّمَ (فِي حَيَاتِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْفِدَاءُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لَوْ فَعَلَهُ حَيًّا) فَلَوْ أَلْبَسُهُ أَحَدٌ الْمِخْيَطَ، أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ (وَيُسْتَرُ) الْمُحْرِمُ (عَلَى نَعْشِهِ بِشَيْءٍ) كَغَيْرِهِ (وَيُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْهِ نَصًّا) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مُحْرِمٍ مَاتَ «غَسِّلُوهُ ` بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» .

وَلِلنَّسَائِيِّ «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا» (وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ) عَلَى ثَوْبِهِ إذَا كُفِّنَ (كَبَقِيَّةِ كَفَنٍ حَلَالٍ) فِي ثَلَاثِ لَفَائِفٍ (فَيُغْسَلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يُلَبَّسُ ذَكَرٌ الْمِخْيَطَ، وَيُغَطَّى وَجْهُهُ وَرِجْلَاهُ وَسَائِرُ بَدَنِهِ، لَا رَأْسَهُ وَلَا وَجْه أُنْثَى، وَلَا يُقَرَّبُ طِيبًا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ) أَيْ الطِّيبِ (مُعْتَدَّةٌ مَاتَتْ) لِأَنَّ مَنْعَهَا مِنْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى نِكَاحِهَا وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا.

(وَلَا يُوقَفُ) الْمُحْرِمُ (بِعَرَفَةَ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَلَا يُطَافُ بِهِ) بِدَلِيلِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ جُنَّ.

[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

(فَصْلٌ وَيَحْرُم غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ الْمَقْتُولِ بِأَيْدِيهِمْ) . جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي وَحَكَى رِوَايَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ أَثَرُ الشَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَهُوَ حَيٌّ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ، وَكَلَامُ الْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ: يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ، ذَكَرَ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَمْ أَقِفْ بِتَصْرِيحٍ لِأَصْحَابِنَا هَلْ غُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ فَيَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ لِمُخَالِفَةِ الْأَمْرِ وَقَطَعَ فِي التَّنْقِيحِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى مَعَ قَوْلِهِمَا وَيَجِبُ بَقَاءُ دَمِ شَهِيدٍ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ) كَانَ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ، أَوْ) كَانَ (غَالًّا) كَتَمَ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا (رَجُلًا) كَانَ (أَوْ امْرَأَةً) لِعُمُومِ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَحْمَدَ مَعْنَاهُ وَقَدْ كَانَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ.

قَالَهُ فِي الشَّرْحِ لَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ تُوجَدُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>