إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي حُقُوقِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ مُلَخَّصُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِطُولِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَهُوَ) أَيْ الْمَنْزُولُ عَنْهُ (حِينَئِذٍ يُشْبِهُ بِالْمُتَحَجَّرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (إذَا أَحْيَاهُ مَنْ تَحَجَّرَهُ وَ) يُشْبِهُ (بِالْمُؤْثَرِ بِالْمَكَانِ إذَا صَارَ فِيهِ) لَيْسَ لِأَحَدٍ نَزْعُهُ مِنْهُ (لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَ الْمُحْيِي عَمَّا أَحْيَاهُ وَلَا الْمُؤْثَرُ يُزَالُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أُوثِرَ بِهِ وَصَارَ فِيهِ) بَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ.
[فَصْلٌ فِي الْإِقْطَاعِ]
ِ وَقَدْ قَسَّمَهُ الْأَصْحَابُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ وَإِقْطَاعُ اسْتِغْلَالٍ، وَإِقْطَاعُ إرْفَاقٍ وَقَسَّمَ الْقَاضِي إقْطَاعَ التَّمْلِيكِ إلَى مَوَاتٍ وَعَامِرٍ، وَمَعَادِنَ وَجَعَلَ إقْطَاعَ الِاسْتِغْلَالِ عَلَى ضَرْبَيْنِ عُشْرٍ، وَخَرَاجٍ (وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ وَأَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَرْضًا» وَأَقْطَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَجَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
(وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَوَاتَ (بِالْإِقْطَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهُ مَا جَازَ اسْتِرْجَاعُهُ (بَلْ يَصِيرُ) الْمُقْطَعُ (كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ بِالْإِقْطَاعِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُسَمَّى تَمَلُّكًا لِمَا لَهُ إلَيْهِ.
(وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَ إلَّا مَا قَدَرَ) الْمُقْطَعُ (عَلَى إحْيَائِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي إقْطَاعِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَضْيِيقًا عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
(فَإِنْ أَقْطَعَ) الْإِمَامُ أَحَدًا (أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى إحْيَائِهِ (ثُمَّ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ عَنْ إحْيَائِهِ اسْتَرْجَعَهُ) الْإِمَامُ مِنْهُ كَمَا اسْتَرْجَعَ عُمَرُ مِنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ مَا عَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهِ مِنْ الْعَقِيقِ الَّذِي أُقْطِعَهُ أَيَّامَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (إقْطَاعُ غَيْرِ مَوَاتٍ تَمْلِيكًا وَانْتِفَاعًا لِلْمَصْلَحَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَجُوزُ الْإِقْطَاعُ مِنْ مَالِ الْجِزْيَةِ) الْمَعْرُوفِ فِي مِصْرَ بِالْجَوَالِي (كَمَا فِي الْإِقْطَاعِ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ (بِالْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَجُوزُ الْإِقْطَاعُ لِأَجْلِهَا (ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فَلَوْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الْإِقْطَاعِ (لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ فُقِدَتْ) الْمَصْلَحَةُ (فَلِلْإِمَامِ اسْتِرْجَاعُهَا) أَيْ الْأَرْضِ الَّتِي أَقْطَعَهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute