للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ (إقْطَاعُ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ وَفِي رِحَابِ الْمَسَاجِدِ الْمُتَّسِعَةِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ إلَّا فِيمَا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ فَكَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجْلِسَ فِيهَا (مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ فَيُحَرَّمُ) عَلَيْهِ أَنْ يُجْلِسَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ.

(وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَقْطَعُ وَيَكُونُ) (أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا) بِمَنْزِلَةِ السَّابِقِ إلَيْهَا بِلَا انْقِطَاعٍ، لَكِنْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِنَقْلِ مَتَاعِهِ بِخِلَافِ السَّابِقِ (مَا لَمْ يَعِدْ الْإِمَامُ فِيهِ) أَيْ فِي إقْطَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ لَهُ اجْتِهَادًا فِي الْإِقْطَاعِ لَهُ اجْتِهَادٌ فِي اسْتِرْجَاعِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ رَحْبَةَ الْمَسْجِدِ لَوْ كَانَتْ مَحُوطَةً لَمْ يَجُزْ إقْطَاعُ الْجُلُوسِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ (فَإِنْ لَمْ يُقْطِعْهَا) أَيْ الطَّرِيقَ الْوَاسِعَةَ وَرِحَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْمَحُوطَةِ (الْإِمَامُ) أَحَدًا (فَلِمَنْ سَبَقَ إلَيْهَا الْجُلُوسُ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ عَلَى إقْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُضَيِّقْ أَوْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ (وَيَكُونُ) السَّابِقُ إلَيْهَا (أَحَقَّ بِهَا وَلَوْ لَيْلًا مَا لَمْ يَنْقُلْ مَتَاعَهُ عَنْهَا) لِمَا سَبَقَ.

(وَإِنْ أَطَالَ الْجُلُوسَ فِيهَا أُزِيلَ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ وَيَخْتَصُّ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ قَامَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إزَالَتُهُ، وَإِنْ نَقَلَ مَتَاعَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَأْتِ اللَّيْلُ (وَإِنْ) نَقَلَ مَتَاعَهُ لَكِنْ (أَجْلَسَ غُلَامَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِيَحْفَظَ لَهُ الْمَكَانَ حَتَّى يَعُودَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْمَتَاعَ فِيهِ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْجَالِسِ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وَنَحْوِهِ (الْجُلُوسُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ جَارَهُ رُؤْيَةَ الْمُعَامِلِينَ لِمَتَاعِهِ، أَوْ) يَمْنَعُ (وُصُولَهُمْ) أَيْ: الْمُعَامِلِينَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَارِهِ (أَوْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى جَارِهِ (فِي كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ أَوْ أَخْذٍ، أَوْ إعْطَاءٍ) لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (وَلَهُ) أَيْ: الْجَالِسِ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ أَوْ رَحْبَةِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مَحُوطَةٍ (أَنْ يُظَلِّلَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهَا بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ مِنْ بَارِيَّةٍ) أَيْ حَصِيرٍ.

(وَكِسَاءٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ دِكَّةً وَلَا غَيْرَهَا) فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ وَاسِعًا وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ، وَلَا فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ.

(فَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ أَوْ إلَى رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ (أَوْ) سَبَقَ (إلَى خَانٍ مُسْبِلٍ، أَوْ سَبَقَ إلَى رِبَاطٍ، أَوْ) إلَى (مَدْرَسَةٍ، أَوْ) إلَى (خَانِكَاهْ) وَيُقَالُ: خَانْقَاهْ (وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْخَانِكَاهْ (عَلَى تَنْزِيلِ نَاظِرٍ) وَضَاقَ الْمَكَانُ عَنْ انْتِفَاعِ جَمِيعِهِمْ (أَقْرَعَ) لِأَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي السَّبَقِ وَالْقُرْعَةُ مُمَيِّزَةٌ.

(وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَعْدِنٍ مُبَاحٍ) غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>