[فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَالْعُلَمَاءِ]
فَصْلٌ وَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ، وَالْغُزَاةِ، وَالْعُلَمَاءِ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ عَلَى (مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْقَبُولُ كَالْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ لَمْ يَفْتَقِرْ) الْوَقْفُ (إلَى الْقَبُولِ مِنْ نَاظِرِهَا) أَيْ: الْمَسَاجِدِ، وَنَحْوِهَا (وَلَا) إلَى الْقَبُولِ مِنْ (غَيْرِهِ) كَنَائِبِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ لَامْتَنَعَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهَا (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْوَقْفُ عَلَى (آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ يَمْنَعُ الْبَيْعَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْقَبُولُ كَالْعِتْقِ.
، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُعَيَّنِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إلَّا أَنَّهُ مُرَتَّبٌ فَصَارَ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا:، وَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْهِبَةِ انْتَهَى.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَتَلَقَّاهُ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ وَاقِفِهِ، وَالْهِبَةُ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مِنْ مُوَرِّثِهِ لَا مِنْ الْوَاهِبِ (وَلَا يَبْطُلُ) الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ (بِرَدِّهِ كَسُكُوتِهِ) عَنْ الْقَبُولِ، وَالرَّدِّ كَالْعِتْقِ (وَمَنْ وَقَفَ شَيْئًا) عَلَى أَوْلَادِهِ، وَنَحْوِهِمْ (فَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ فِي مَصْرِفِهِ جِهَةً تَدُومُ كَالْفُقَرَاءِ، وَنَحْوِهِمْ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَصْرِفِهِ جِهَةً تَدُومُ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) الْوَاقِفُ (عَلَى ذِكْرِ جِهَةٍ تَنْقَطِعُ كَأَوْلَادِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يُمْكِنْ انْقِرَاضُهُمْ (صَحَّ) الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَصْرِفِ، فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِمَصْرِفِهِ.
(، وَيُصْرَفُ وَقْفٌ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ كَوَقْفِهِ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ) الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ (ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ) كَعَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ زَيْدٍ، أَوْ الْفُقَرَاءِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فِي الْحَالِ (أَوْ الْوَسَطِ) أَيْ: وَيُصْرَفُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ (فِي الْحَالِ) بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (إلَى مَنْ بَعْدَهُ) فَلَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ صُرِفَتْ بَعْدَ زَيْدٍ لِلْمَسَاكِينِ لَأَنْ وُجُودَ مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَعَدَمِهِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَاطِلَةِ؛ وَلِأَنَّنَا لَمَّا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ مَعَ ذِكْرِ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَلْغَيْنَاهُ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّصْحِيحُ مَعَ اعْتِبَارِهِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا صَحِيحًا) كَأَنْ يَقُول: وَقَفْتُهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ أَوْ الذِّمِّيِّينَ أَوْ الْكَنِيسَةِ، وَنَحْوِهَا (بَطَلَ الْوَقْفُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَصْرِفَ الْبَاطِلَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (وَيُصْرَفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute