للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِمَامُ بِأَنَّ عُمَرَ وَصَّى، فَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ " هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ أَنَّ ثَمَغًا صَدَقَةٌ "، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْخَبَرِ.

وَرَوَى نَحْوَهُ أَبُو دَاوُد قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَثَمَغٌ بِالْفَتْحِ مَالٌ بِالْمَدِينَةِ لِعُمَرَ وَقَفَهُ (وَيَكُونُ) الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ (لَازِمًا) مِنْ حِينِ قَوْلِهِ: هُوَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ، وَبَيْنِ الْمُدَبَّرِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْفَرْقُ عَسِرٌ جِدًّا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ نَحْوَ أَمَةٍ، فَفِي الْقَوَاعِدِ: صَارَتْ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهَا وَوَلَدَهَا انْتَهَى وَأَمَّا الْكَسْبُ، وَنَحْوُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ، وَوَرَثَتِهِ إلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ قَبْلَ الْمَوْتِ لِقَوْلِ الْمَيْمُونِيِّ لِلْإِمَامِ، وَالْوُقُوفُ إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ وَقَفَهُ بَعْدَهُ، وَهُوَ مِلْكُ السَّاعَةِ.

(وَيُعْتَبَرُ) الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَوَقَّفَ لُزُومُ الْوَقْفِ فِي الزَّائِدِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِذَا قَالَ: دَارِي وَقْفٌ عَلَى مَوَالِيَّ بَعْدَ مَوْتِي دَخَلَ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَمُدَبَّرُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ مَوَالِيهِ حَقِيقَةً إذَنْ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.

(وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ (شَرْطًا فَاسِدًا كَخِيَارٍ فِيهِ) بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لَمْ يَصِحَّ أَ (و) بِشَرْطِ (تَحْوِيلِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ أَحُوِّلَهَا عَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، أَوْ عَنْ الْوَقْفِيَّةِ بِأَنْ أَرْجِعَ فِيهَا مَتَى شِئْتُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ.

(وَ) كَشَرْطِهِ (تَغْيِيرَ شَرْطِهِ، وَ) كَشَرْطِ (بَيْعِهِ) مَتَى شَاءَ (وَ) شَرْطِهِ (هِبَتَهُ، وَ) شَرْطِهِ (مَتَى شَاءَ أَبْطَلَهُ، وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ (وَلَوْ شَرَطَ الْبَيْعَ عِنْدَ خَرَابِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ.

(وَصَرْفَ الثَّمَنِ فِي مِثْلِهِ أَوْ شَرَطَهُ لِلْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ) ، وَهُوَ مَنْ يَنْظُرُ فِي الْوَقْفِ (فَسَدَ الشَّرْطُ فَقَطْ) وَصَحَّ الْوَقْفُ مَعَ إلْغَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَحَكَى قَبْلَهُ عَنْهُمَا، وَعَنْ ابْنِ الْبِنَاءِ، وَغَيْرِهِمْ: يَبْطُلُ الْوَقْفُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ، وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ، وَلَا يَصِحُّ فَإِنَّ إلْغَاءَ الشَّرْطِ إبْطَالٌ لِلْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ، وَالْبَيْعُ عِنْدَ الْخَرَابِ ثَابِتٌ، وَالثَّابِتُ اشْتِرَاطُهُ تَأْكِيدٌ لَهُ.

الشَّرْطُ (الْخَامِس أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا فِي يَدِهِ بِالْوَقْفِ، وَغَيْرِهِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِالْوَقْفِ حَتَّى يَثْبُتُ الْمِلْكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>