حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا) لِمَا تَقَدَّمَ فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ.
(فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعُونَ وَلَمْ يَرْضُوا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَاه) أَيْ أَعْطَى دِيَتَهُ (الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَخْذُ دِيَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ) لِحَدِيثِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» (وَإِنْ رَضُوا) أَيْ الْمُدَّعُونَ (بِيَمِينِهِ فَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يُحْبَسْ) لِأَنَّهَا يَمِينٌ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْبَسْ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ (وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِالنُّكُولِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى (وَلَا قِصَاصَ) بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ كَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَلَوْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ) بَلْ يُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ تَحْلِفَ أَوْ جَعَلْتُكَ نَاكِلًا وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ بِالنُّكُولِ (وَيُفْدَى مَيِّتٌ فِي زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْمٍ ازْدَحَمُوا فِي مَضِيقٍ وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي الْقَوْم مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَتَلَهُ فَهُوَ لَوْثٌ.
[كِتَابُ الْحُدُودِ]
(كِتَابُ الْحُدُودِ وَهِيَ جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ) لُغَةً الْمَنْعُ وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَحَارِمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] وَمَا حَدّه وَقَدَّرَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى كَتَزْوِيجِ الْأَرْبَعِ وَمَا حَدَّهُ الشَّرْعُ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَالْحُدُودُ بِمَعْنَى الْعُقُوبَاتِ الْمُقَدَّرَةِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْمَنْعِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَأَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِالْحُدُودِ الَّتِي هِيَ الْمَحَارِمُ لِكَوْنِهَا زَوَاجِرَ عَنْهَا أَوْ بِالْحُدُودِ الَّتِي هِيَ الْمُقَدَّرَاتِ وَالْحَدُّ (شَرْعًا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ لِتَمْنَعَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الذَّنْبِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ (وَتَجِبُ إقَامَتُهُ) أَيْ الْحَدُّ (وَلَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ) مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ سَيِّدٍ (شَرِيكًا لِمَنْ يُقِيمُهُ) أَيْ الْحَدُّ (عَلَيْهِ) فِي تِلْكَ (الْمَعْصِيَةِ) أَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ (عَوْنًا لَهُ) أَيْ لِمَنْ يُقِيمُهُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ مُشَارَكَتَهُ أَوْ إعَانَتَهُ لَهُ مَعْصِيَةٌ وَعَدَمُ إقَامَتِهِ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَجْمَعُ بَيْن مَعْصِيَتَيْنِ.
(وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute