[فَصْلٌ الْقِصَاص فِي الْجِرَاحُ]
(فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي الْجِرَاحُ) لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ (فَيُقْتَصُّ فِي كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ كَالْمُوضِحَةِ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَجُرْحِ الْعَضُدِ وَالسَّاعِدِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ لِانْتِهَائِهِ إلَى عَظْمٍ أَشْبَهَ قَطْعَ الْكَفِّ مِنْ الْكُوعِ وَلِأَنَّ اللَّهَ نَصَّ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ سَقَطَ حُكْمُ الْآيَةِ.
(وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِالسَّيْفِ) فَوْقَ التَّعَدِّي (وَلَا) يُسْتَوْفَى (بِآلَةٍ يُخْشَى مِنْهَا الزِّيَادَةُ) لِأَنَّهَا عُدْوَانٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُرْحُ بِهَا أَيْ بِالْآلَةِ الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا الزِّيَادَةُ (أَوْ بِغَيْرِهَا) لِحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ مُوضِحَةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا فَ) إنَّهُ يُسْتَوْفَى (بِالْمُوسَى أَوْ حَدِيدَةٍ مَاضِيَةٍ مُعَدَّةٍ) لِذَلِكَ لَا يُخْشَى مِنْهَا الزِّيَادَةُ.
(وَلَا يَسْتَوْفِي) ذَلِكَ (إلَّا مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ كَالْجَرَائِحِ وَمَنْ أَشْبَهَهُ) مِمَّنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ عِلْمٌ بِذَلِكَ أَمَرَهُ بِالِاسْتِنَابَةِ) لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ كَالنَّفْسِ (وَلَا يُقْتَصُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيِّرْ جُرْحٌ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ (مِنْ الشِّجَاجِ وَالْجُرْحُ كَمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ) كَالْبَاضِعَةِ (أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ) وَأُمِّ الدِّمَاغِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ (وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ فِيهِنَّ) أَيْ فِي الْهَاشِمَةِ وَمَا بَعْدَهَا مُوضِحَةٌ لِأَنَّهُ يَقْتَصُّ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ وَيَقْتَصُّ مِنْ مَحِلِّ جِنَايَتِهِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا وَضَعَ السِّكِّينَ فِي مَوْضِعٍ وَضَعَهَا الْجَانِي فِيهِ، لِأَنَّ سِكِّينَ الْجَانِي وَصَلَتْ إلَى الْعَظْمِ ثُمَّ تَجَاوَزَتْهُ، بِخِلَافِ قَاطَعِ السَّاعِدِ فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ سَكِينَهُ فِي الْكُوعِ.
(وَيَجْبُ لَهُ) إذَا اقْتَصَّ مُوضِحَةٌ وَالْجِنَايَةُ فَوْقَهَا (مَا بَيْنَ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ فِيهِ الْقِصَاصُ فَوَجَبَ الْأَرْشُ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ فِي جَمِيعِهَا وَفَارَقَ الزِّيَادَةَ ثَمَّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَلَيْسَتْ مُتَمَيِّزَةً بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (فَيَأْخُذُ فِي الْهَاشِمَةِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنهَا وَبَيْنَ الْمُوضِحَةِ.
(وَ) يَأْخُذُ (فِي الْمُنَقِّلَةِ عَشْرًا) مِنْ الْإِبِلِ، لِأَنَّهُ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ (وَفِي الْمَأْمُومَةِ) وَأُمِّ الدِّمَاغِ (ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرِينَ) بَعِيرًا (وَثُلُثًا) مِنْ بَعِيرٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا دِيَةُ مُوضِحَةٍ خُمْسٌ بَقِيَ ذَلِكَ (وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْجُرْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute