الْبُدَاءَةِ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَإِنَّمَا زِيدَ فِي الرَّجْعَةِ عَلَى الْبُدَاءَةِ لِمَشَقَّةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَيْشَ فِي الْبُدَاءَةِ رِدْءٌ لِلسَّرِيَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَاقُونَ إلَى أَهْلَيْهِمْ، فَهَذَا أَكْثَرُ مَشَقَّةً وَلَا يَعْدِلُ شَيْءٌ عِنْدَ أَحْمَدَ الْخُرُوجُ فِي السَّرِيَّةِ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَى لِلْعَدُوِّ.
(وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا غَزَا غَزَاةً أَنْ يَبْعَثَ سَرِيَّةً أَمَامَهُ تُغِيرُ، وَإِذَا رَجَعَتْ بَعَثَ) سَرِيَّةً (أُخْرَى خَلْفَهُ) تُغِيرُ (فَمَا أَتَتْ بِهِ) السَّرِيَّةُ (أَخْرَجَ خُمْسَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ وَلِحَدِيثِ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا «لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا جَعَلَ لَهَا) مِنْ رُبُعٍ فَأَقَلَّ، أَوْ ثُلُثٍ فَأَقَلَّ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَقَسَّمَ الْبَاقِيَ فِي الْجَيْشِ، وَالسَّرِيَّةِ مَعًا) ؛ لِأَنَّهَا وَصَلَتْ إلَى ذَلِكَ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ (وَلَا تَسْتَحِقُّهُ السَّرِيَّةُ إلَّا بِشَرْطٍ) فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهَا شَيْئًا لَمْ تَسْتَحِقَّ سِوَى الْمُقَاسَمَة كَأَحَادِ الْجَيْشِ، لَكِنْ لِلْأَمِيرِ إعْطَاؤُهَا ذَلِكَ بِلَا شَرْطٍ (فَإِنْ شَرَطَ الْإِمَامُ لَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الثُّلُثِ فِي الرَّجْعَةِ أَوْ الرُّبْعِ فِي الْبُدَاءَةِ (رُدُّوا إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ، وَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الزَّائِدَ لِمُخَالَفَةِ النَّصِّ.
[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْجَيْشَ طَاعَةُ الْأَمِيرِ]
فَصْلٌ وَيَلْزَمُ الْجَيْشَ طَاعَةُ الْأَمِيرِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي، فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
(وَ) يَلْزَمُهُمْ (النُّصْحُ لَهُ) لِحَدِيثِ " الدِّينُ النَّصِيحَةُ " وَلِأَنَّ نُصْحَهُ نُصْحٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُمْ، فَإِذَا نَصَحُوهُ كَثُرَ دَفْعُهُ، وَفِي الْأَثَرِ " إنَّ اللَّهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ " وَمَعْنَاهُ: يَكُفُّ.
(وَ) يَلْزَمُهُمْ (الصَّبْرُ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَأَرْضِ الْعَدُوِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: ٢٠٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute