وَلِأَنَّهُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ.
(وَ) يَلْزَمُ (اتِّبَاعُ رَايَةٍ وَالرِّضَا بِقِسْمَتِهِ لِلْغَنِيمَةِ وَبِتَعْدِيلِهِ لَهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ طَاعَتِهِ (وَإِنْ خَفِيَ عَنْهُ صَوَابٌ عَرَّفُوهُ وَنَصَحُوهُ) (فَلَوْ أَمُرَهُمْ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَقْتَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فَأَبَوْا عَصَوْا) قَالَ الْآجُرِّيُّ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَوْ قَالَ سِيرُوا وَقْتَ كَذَا دَفَعُوا مَعَهُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " الْخِلَافُ شَرٌّ " ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ كَانَ يُقَالُ " لَا خَيْرَ مَعَ الْخِلَافِ وَلَا شَرَّ مَعَ الِائْتِلَافِ " وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ: لَا يُخَالِفُوهُ، يَتَشَعَّثُ أَمْرُهُمْ (وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَلَّفَ) وَهُوَ تَحْصِيلُ الْعَلَفِ لِلدَّوَابِّ (وَلَا يَتَحَطَّبُ) وَهُوَ تَحْصِيلُ الْحَطَبِ.
(وَلَا يُبَارِزُ) عَلَجًا (وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْعَسْكَرِ، وَلَا يُحْدِثُ حَدَثًا إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْأَمِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِحَالِ النَّاسِ، وَحَالِ الْعَدُوِّ، وَمَكَامِنِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ، فَإِذَا خَرَجَ إنْسَانٌ أَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُصَادِفَ كَمِينًا لِلْعَدُوِّ، فَيَأْخُذُوهُ، أَوْ يَرْحَلَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَيَتْرُكُهُ، فَيَهْلَكُ، أَوْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يَقْوَى عَلَى الْمُبَارَزَةِ، فَيَظْفَرُ بِهِ الْعَدُوُّ، فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ انْتِفَاءِ الْمَفَاسِدِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ فِي مَوْضِعِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَخُوفٌ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِهِمْ.
(وَإِنْ دَعَا كَافِرٌ إلَى الْبِرَازِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ: عِبَارَةٌ عَنْ مُبَارَزَةِ الْعَدُوِّ، وَبِفَتْحِهَا: اسْمٌ لِلْفَضَاءِ الْوَاسِعِ (اُسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ) لِمُبَارَزَةِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا فِي قَوْله تَعَالَى {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: ١٩] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ عَلِيٌّ نَزَلَتْ فِي مُبَارَزَتِنَا يَوْمَ بَدْرٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبَارَزَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ مَرْزُبَانَ الدَّارَةَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَبَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا؛ وَلِأَنَّ فِي الْإِجَابَةِ إلَيْهَا إظْهَارًا لِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَلَدِهِمْ عَلَى الْحَرْبِ (فَإِنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ) الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ (كُرِهَ) لَهُ أَنْ يُجِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute