للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِهِ ظَاهِرًا (فَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ لَا رَأْيَ لَهُ فُعِلَتْ الْمُبَارَزَةُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرَهُ) مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ الْحَرَّانِيُّ (فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ) لِنِكَايَةِ الْعَدُوِّ (وَالْمُبَارَزَةُ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا إذْنُ الْإِمَامِ: أَنْ يَبْرُزَ رَجُلٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَبْلَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، يَدْعُو إلَى الْمُبَارَزَةِ) بِخِلَافِ الِانْغِمَاسِ فِي الْكُفَّارِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ وَلَا يُتَرَقَّبُ مِنْهُ ظَفَرٌ وَلَا مُقَاوَمَةٌ، بِخِلَافِ الْمُبَارَزَةِ، فَإِنَّ قُلُوبَ الْجَيْشِ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَتَرْتَقِبُ ظَفَرَهُ.

(وَيُبَاحُ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الشُّجَاعِ طَلَبُهَا ابْتِدَاءً) ؛ لِأَنَّهُ غَالِبٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ (وَلَا يُسْتَحَبُّ) لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُقْتَلَ فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ شَرَطَ الْكَافِرُ) الْمُبَارِزُ (أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ هُوَ الْعَادَةُ لَزِمَهُ) الشَّرْطُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَالْعَادَةُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ (وَيَجُوزُ رَمْيهُ وَقَتْلُهُ قَبْلَ الْمُبَارَزَةِ) ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، لَا عَهْدَ لَهُ، وَلَا أَمَانَ فَأُبِيحَ قَتْلُهُ كَغَيْرِهِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمْ) أَيْ: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ (أَنَّ مَنْ يَخْرُجُ يَطْلُبُ الْمُبَارَزَةَ لَا يُعَرَّضُ لَهُ، فَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الشَّرْطِ) وَيُعْمَلُ بِالْعَادَةِ.

(وَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِم) تَارِكًا لِلْقِتَالِ (أَوْ أُثْخِنَ) الْمُسْلِمُ (بِالْجِرَاحِ جَازَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عَنْهُ وَالرَّمْيُ) أَيْ: رَمْيُ الْكَافِرِ وَقَتْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا صَارَ إلَى هَذَا الْحَالِ، فَقَدْ انْقَضَى قِتَالُهُ، وَزَالَ الْأَمَانُ، وَزَالَ الْقِتَالُ؛ لِأَنَّ حَمْزَةَ وَعَلِيًّا أَعَانَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ عَلَى قَتْلِ شَيْبَةَ حِينَ أُثْخِنَ عُبَيْدَةُ وَإِنْ أَعَانَ الْكُفَّارُ صَاحِبَهُمْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعِينُوا صَاحِبَهُمْ وَيُقَاتِلُوا مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ، لَا الْمُبَارَز؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ.

(وَتَجُوزُ الْخُدْعَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالدَّالِ، وَهِيَ الِاسْمُ مِنْ الْخِدَاعِ أَيْ: إرَادَةُ الْمَكْرُوهِ بِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ كَالْخَدِيعَةِ (فِي الْحَرْبِ لِلْمُبَارِزِ وَغَيْرِهِ) لِحَدِيثِ «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» وَرُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ لَمَّا بَارَزَ عَلِيًّا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ مَا بَرَزْتُ لِأُقَاتِلَ اثْنَيْنِ، فَالْتَفَتَ عَمْرٌو فَوَثَبَ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ فَقَالَ عَمْرٌو خَدَعْتَنِي فَقَالَ: الْحَرْبُ خُدْعَةٌ.

(وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ: الْكَافِرَ الْمُبَارِزَ (الْمُسْلِمُ أَوْ أَثْخَنَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَسَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» .

وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «وَلَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْمُبَارَزَةُ بِغَيْرِ إذْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>