وَمِحَفَّةٌ وَنَحْوُهُمَا) كَعِمَارِيَّةِ وَهَوْدَجٍ.
(وَمَنْ كَانَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ أَوْمَأَ) بِالسُّجُودِ (كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ) فَإِنَّهُمَا يُومِئَانِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ الْمُمْكِنِ مِنْهُمْ (وَالْغَرِيقُ يَسْجُدُ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ) وَلَا إعَادَةَ عَلَى الْكُلِّ.
[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]
(فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ) أَيْ قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ، وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١] الْآيَةَ عَلَّقَ الْقَصْرَ عَلَى الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ أَسْفَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَخْلُ مِنْهُ وَقَالَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «مَا لَنَا نَقْصُرُ، وَقَدْ أَمِنَّا فَقَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
«وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ صَحِبْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنَّ قَوْله تَعَالَى {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١] كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، مَعْنَاهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْقَصْرُ قِسْمَانِ مُطْلَقٌ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ قَصْرُ الْأَفْعَالِ وَالْعَدَدِ كَصَلَاةِ الْخَوْفِ، حَيْثُ كَانَ مُسَافِرًا فَإِنَّهُ يُرْتَكَبُ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ فِي صَلَاةِ الْأَمْنِ وَالْآيَةُ وَرَدَتْ عَلَى هَذَا وَمُقَيَّدٌ وَهُوَ مَا فِيهِ قَصْرُ الْعَدَدِ فَقَطْ كَالْمُسَافِرِ، أَوْ قَصْرُ الْعَمَلِ، فَقَطْ كَالْخَائِفِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ: خَبَرُ يَعْلَى وَعُمَرَ السَّابِقُ؛ لِأَنَّ ظَاهَرَ مَا فَهِمَاهُ قَصْرُ الْعَدَدِ بِالْخَوْفِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ.
(مَنْ ابْتَدَأَ سَفَرًا) أَيْ شَرَعَ فِيهِ (وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا كَسَفَرِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالْهِجْرَةِ وَالْعُمْرَةِ) فَالسَّفَرُ لِلْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبٌ، وَلِلْمَنْدُوبِ، مِنْهُ مَنْدُوبٌ.
(وَ) كَالسَّفَرِ (لِزِيَارَةِ الْإِخْوَانِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَزِيَارَةِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ) أَيْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَقْصَى، وَأَمَّا زِيَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامَ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْمُسْتَحَبِّ، إلَّا إنْ نَذَرَهَا فَتَكُونُ وَاجِبَةً.
(وَ) زِيَارَةِ (الْوَالِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا (أَوْ) ابْتَدَأَ سَفَرًا (مُبَاحًا وَلَوْ لِنُزْهَةٍ، أَوْ فُرْجَةٍ أَوْ تَاجِرًا، وَلَوْ) كَانَ (مُكَاثِرًا فِي الدُّنْيَا) .
قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute