للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُرُوعِ: أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا إبَاحَةَ السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مُكَاثِرٍ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ وَحَرَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ» وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَأَمَّا سُورَةُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: ١] فَتَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَنْ شَغَلَهُ عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ وَالتَّكَاثُرُ: مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ أَوْ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ فَيُكْرَهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّسَاعَ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَبَانِي مِنْ حِلٍّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَهُ مُبَاحٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْ كَارِهٍ وَمِنْ غَيْرِ كَارِهٍ (أَوْ) كَانَ (مُكْرَهًا) عَلَى السَّفَرِ (كَأَسِيرٍ، أَوْ زَانٍ مُغَرَّبٍ) وَهُوَ الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ (أَوْ قَاطِعُ) طَرِيقٍ (مُشَرَّدٌ) إذَا أَخَافَ السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا؛ لِأَنَّ سَفَرَهُمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (مَحْرَمًا مَعَ) زَانِيَةٍ غَيْرِ مُحْصَنَةٍ (مُغَرَّبَةٍ) فَيَقْصُرُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسَافِرِينَ (يَبْلُغُ سَفَرُهُ ذَهَابًا) بِفَتْحِ الذَّالِ مَصْدَرُ ذَهَبَ (سِتَّةَ عَشْرَ فَرْسَخًا تَقْرِيبًا) لَا تَحْدِيدًا، صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ (بَرًّا) كَانَ السَّفَرُ (أَوْ بَحْرًا) لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

(وَهِيَ) أَيْ السِّتَّةُ عَشْرَ فَرْسَخًا (يَوْمَانِ) أَيْ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ (قَاصِدَانِ فِي زَمَنٍ مُعْتَدِلِ) الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، أَيْ مُعْتَدِلَانِ طُولًا وَقِصَرًا وَالْقَصْدُ الِاعْتِدَالُ: قَالَ تَعَالَى {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: ١٩] (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) وَذَلِكَ (أَرْبَعَةُ بُرُدٍ) جَمْعُ بَرِيدٍ.

(وَالْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ) جَمْعُ فَرْسَخٍ (وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٍ وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفِ) مِيلٍ (وَالْمِيلُ) الْهَاشِمِيُّ (اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ قَدَمٍ) وَهِيَ (سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْيَدِ (وَالذِّرَاعُ: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً كُلُّ أُصْبُعٍ) مِنْهَا عَرْضُهُ (سِتُّ حَبَّاتِ شَعِيرٍ بُطُونُ بَعْضِهَا إلَى) بُطُونِ (بَعْضٍ عَرْضُ كُلِّ شَعِيرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتِ بِرْذَوْنٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.

قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: يَقَعُ عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى، وَرُبَّمَا قَالُوا فِي الْأُنْثَى بِرْذَوْنَةُ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ الْبِرْذَوْنُ التُّرْكِيُّ مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ نَبَطِيَّانِ، عَكْسُ الْعِرَابِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: الذِّرَاعُ الَّذِي ذُكِرَ قَدْ حُرِّرَ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ فِي مِصْرَ وَالْحِجَازِ فِي هَذِهِ الْإِعْصَارِ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا فَالْمِيلُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ خَمْسَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا قَالَ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ، قَلَّ مَنْ يُنَبِّهُ عَلَيْهَا اهـ قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي كَمْ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>