للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ]

فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا (لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ، لِئَلَّا يَلْزَمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِلْكٌ لِلْمُؤَجِّرِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَلَوْ صَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لَهُ لَزِمَ تَمْلِيكُهُ مَا هُوَ فِي مِلْكِهِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ إعَارَتُهَا لِلْمُؤَجِّرِ كَغَيْرِهِ.

(وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعَقْدِ، فَكَانَ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ (وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (اسْتِيفَاءَهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ (بِنَفْسِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَفَاءُ بِهِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، إذْ مُقْتَضَاهُ الْمِلْكُ وَمَنْ مَلَكَ شَيْئًا اسْتَوْفَاهُ بِنَفْسِهِ وَبِنَائِبِهِ.

(وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ رَاكِبٍ مِثْلِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ دُونَهُ (فِي طُولٍ وَقِصَرٍ وَغَيْرِهِمَا) كَسِمَنٍ وَهُزَالٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِذَلِكَ الرَّاكِبِ، لَا بِأَطْوَلَ أَوْ أَثْقَلَ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ.

وَ (لَا) تُعْتَبَرُ مُمَاثَلَتُهُ (فِي مَعْرِفَةِ رُكُوبٍ) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ يَسِيرٌ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ شَرْطِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ فِي الْفَسَادِ.

(شَرْطُ زَرْعِ بُرٍّ فَقَطْ) فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءَ بِهِ وَلَهُ زَرْعُ مَا هُوَ مِثْلُهُ ضَرَرًا أَوْ أَقَلُّ، لَا أَكْثَرُ.

(وَلَا يَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ مِنْهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (إنْ تَلْفِتَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ) لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الِاسْتِيفَاءِ، فَكَانَ حُكْمُهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ فِي الْعَارِيَّةِ أَيْضًا.

(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا نَائِبِهِ (اسْتِيفَاءُ) الْمَنْفَعَةِ (بِمَا هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا وَلَا بِمَا يُخَالِفُ ضَرَرُهُ) أَيْ الْمُسْتَوْفَى (ضَرَرَهُ) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ وَمِثْلَهَا وَمَا دُونَهَا فِي الضَّرَرِ مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ.

(وَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ) كَالْبَاقِلَّا وَالْعَدَسِ وَنَحْوِهِ، مِمَّا هُوَ مِثْلُ الْبُرِّ فِي الضَّرَرِ أَوْ دُونَهُ (وَلَيْسَ لَهُ زَرْعُ الدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهِمَا) كَقُطْنٍ وَقَصَبٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْ الْبُرِّ.

(وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ) فِي الْأَرْضِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِلزَّرْعِ لِأَنَّهُمَا أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ.

(وَإِنْ اكَتْرَاهَا لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكْ الْآخَرُ) أَيْ إذَا اكْتَرَى الْأَرْضَ لِلْغَرْسِ لَمْ يَمْلِكْ الْبِنَاءَ، أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْبِنَاءِ لَمْ يَمْلِكْ الْغَرْسَ، لِأَنَّ ضَرَرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُخَالِفُ ضَرَرَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْغَرْسَ يَضُرُّ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ، وَالْبِنَاءَ يَضُرُّ بِظَاهِرِهَا.

(وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِلْغَرْسِ) مَلَكَ الزَّرْعَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>