للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يُقَالُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُخَالِفُ سَائِرَ الْمُتْلَفَاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَعْيَانُ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمُتْلَفَاتِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَالِيَّةُ خَاصَّةً فَكَذَلِكَ لَمْ تَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ (وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّأْجِيلَ فُرِضَ مُؤَجَّلًا) لِأَنَّهُ مَهْرُ نِسَائِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتَهُمْ التَّأْجِيلُ فُرِضَ (حَالًّا) لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ اُعْتُبِرَ شَبَهُهَا بِنِسَاءِ بَلَدِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْجُمْلَةِ (فَإِنْ عَدِمْنَ) أَيْ بَلَدَهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ مَنْ يُشْبِهُهَا (فَبِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْأَقَارِبُ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا اُعْتُبِرَ قَرَابَتُهَا الْبَعِيدَةُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَرِيبٌ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ) فِي الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (أَوْ) اخْتَلَفَتْ (مُهُورُهُنَّ) قِلَّةً وَكَثْرَةً (أُخِذَ بِالْوَسَطِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ الْعَدْلُ (الْحَالِّ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَمِنْ غَالِبِهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَأَشْبَهَ قِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ.

[فَصْلٌ إذَا افْتَرَقَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ فِيهِ]

(فَصْلٌ وَإِذَا افْتَرَقَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَاخْتِلَافِ دِينٍ وَرَضَاعٍ (فَلَا مَهْرَ فِيهِ) لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (وَإِنْ دَخَلَ) بِهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (أَوْ خَلَا بِهَا) فِيهِ (اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى) لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدِ الْخَلَّالِ بِإِسْنَادِهِمَا وَالْخَلْوَةُ كَالْوَطْءِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَعَ فَسَادِهِ يَنْعَقِدُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلُزُومِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْمُسَمَّى فِيهِ كَالصَّحِيحِ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا تَلِفَ) الْمَبِيعُ (فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) ضَمَانَ الْمُتْلَفِ (لَا بِقِيمَتِهِ) أَوْ مِثْلِهِ (لَا) ضَمَانُ عَقْدٍ (بِثَمَنِهِ) ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي الْإِنْصَافِ.

قُلْتُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَأَكْثَرُهَا مُنْتَفٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ، فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ فَسَخَهُ) أَيْ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ (حَاكِمٌ) لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>