للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَهْلِيهِمْ) مِنْهُمْ أَوْ مِمَّنْ سَبَاهُمْ (كَحَرْبِيٍّ بَاعَ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ) بِخِلَافِ الذِّمِّيّ وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَرِقَّاءً قَبْل وَإِنَّمَا يَصِيرُونَ أَرِقَّاءً بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ كَالسَّبْيِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى.

(وَإِنْ خَافَ) الْإِمَامُ (نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ بِأَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ جَازَ نَبْذُهُ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ ذِمَّتِهِ) فَيَقُولُ لَهُمْ قَدْ نَبَذْتُ عَهْدَكُمْ وَصِرْتُمْ حَرْبِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] أَيْ: أَعْلِمْهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ، حَتَّى تَصِيرَ أَنْتَ وَهُمْ سَوَاءً فِي الْعِلْمِ (فَيَعْلَمُ بِنَقْضِ عَهْدِهِمْ وُجُوبًا قَبْلَ الْإِغَارَةِ) عَلَيْهِمْ (وَالْقِتَالِ) لِلْآيَةِ.

(وَمَتَى نَقَضَهَا) أَيْ: نَقَضَ الْإِمَامُ الْهُدْنَةَ (وَفِي دَارِنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ وَجَبَ رَدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ) لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا بِأَمَانٍ، فَوَجَبَ أَنْ يُرَدُّوا آمِنِينَ.

(وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ حَقٌّ اسْتَوْفَى مِنْهُمْ) كَغَيْرِهِمْ لِلْعُمُومَاتِ (وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَائِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ بِنَقْضِ عَهْدِ رِجَالِهِمْ تَبَعًا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَتَلَ رِجَالَ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ " وَلَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا فَنَقَضُوا عَهْدَهُ حَلَّ لَهُ مِنْهُمْ مَا كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ (وَيَجُوزُ قَتْلُ رَهَائِنُهُمْ إذَا قَتَلُوا رَهَائِنَنَا، وَمَتَى مَاتَ إمَامٌ، أَوْ عُزِلَ لَزِمَ مَنْ بَعْدَهُ الْوَفَاءُ بِعَقْدِ) الْهُدْنَةِ لِلُزُومِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

ِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الذِّمَّةُ الْأَمَانُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ " وَالذِّمَّةُ الضَّمَانُ وَالْعَهْدُ، وَهِيَ فِعْلَةٌ مِنْ أَذَمَّ يَذُمُّ إذَا جَعَلَ لَهُ عَهْدًا وَمَعْنَى عَهْدِ الذِّمَّةِ إقْرَارُ بَعْضِ الْكُفَّارِ عَلَى كُفْرِهِ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ، وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ (لَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَّا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ، وَمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَاتَ بِهِ عَلَى الْإِمَامِ.

(وَيَحْرُمُ) عَقْدُ الذِّمَّةِ (مِنْ غَيْرِهِمْ) أَيْ: غَيْرِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ (وَيَجِبُ عَقْدُهَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>