للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

فَصْلٌ (وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْرِهِ بِهَا وَهِيَ ذِكْرٌ فِيهِ فَلَمْ تَجِبْ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ (وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهَا) أَيْ: التَّلْبِيَةِ (عَقِبَ إحْرَامِهِ) عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: إذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ وَتَبِعَهُمْ فِي الْمُخْتَصَرِ (وَ) يُسَنُّ (ذِكْرُ نُسُكِهِ فِيهَا وَ) .

يُسَنُّ (ذِكْرُ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ لِلْقَارِنِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا) لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» .

وَقَالَ جَابِرٌ «قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ» .

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ «بَدَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَمَعْنَى أَهَلَّ " رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ إذَا صَاحَ.

(وَ) يُسَنُّ (الْإِكْثَارُ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ التَّلْبِيَةِ لِخَبَرِ سَهْلٍ بْنِ سَعْدٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَابْنُ مَاجَهْ (وَ) .

يُسَنُّ (رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا) لِقَوْلِ أَنَسٍ " سَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهَا صُرَاخًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَكِنْ لَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي رَفْعِهِ زِيَادَةً عَنْ الطَّاقَةِ) خَشْيَةَ ضَرَرٍ يُصِيبُهُ.

(وَلَا يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهَا) أَيْ: التَّلْبِيَةِ (فِي مَسَاجِدِ الْحِلِّ وَأَمْصَارِهِ) قَالَ أَحْمَدُ إذَا أَحْرَمَ فِي مِصْرِهِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُلَبِّيَ حَتَّى يَبْرُزَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَنْ سَمِعَهُ يُلَبِّي بِالْمَدِينَةِ " إنَّ هَذَا لَمَجْنُونٌ إنَّمَا التَّلْبِيَةُ إذَا بَرَزْتَ " وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بِأَنَّ إخْفَاءَ التَّطَوُّعِ أَوْلَى خَوْفَ الرِّيَاءِ عَلَى مَنْ لَا يُشَارِكُهُ فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الْبَرَارِيِّ وَعَرَفَاتٍ وَالْحَرَمِ وَمَكَّةَ.

(وَلَا) يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهَا (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ) خَوْفَ اشْتِغَالِ الطَّائِفِينَ وَالسَّاعِينَ عَنْ أَذْكَارِهِمْ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا فِيهِمَا سِرًّا؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ التَّلْبِيَةِ.

(وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا حَوْلَ الْبَيْتِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَائِفًا (لِئَلَّا يُشْغَلَ الطَّائِفِينَ عَنْ طَوَافِهِمْ وَأَذْكَارِهِمْ) الْمَشْرُوعَةِ لَهُمْ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ عَنْ أَخْرَسَ وَمَرِيضٍ وَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) تَكْمِيلًا لِنُسُكِهِمْ وَكَالْأَفْعَالِ الَّتِي يَعْجَزُونَ عَنْهَا.

(وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَعْدَهَا) أَيْ: التَّلْبِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>