للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تُذْكَرْ هُنَا كَلَفْظِ الْجِيرَانِ، وَأَهْلِ السِّكَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ كَالْوَصِيَّةِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَا يَأْتِي.

[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]

(فَصْلٌ وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (مَثَلًا وَيَلْزَمُ) الْوَقْفُ (بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ بِدُونِ حُكْمِ حَاكِمٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيث عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَكَالْعِتْقِ.

وَقَوْلُهُ " بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ " جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْفِعْلُ مَعَ الدَّالِّ عَلَى الْوَقْفِ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ أَيْضًا، وَيَحْرُمُ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ) أَيْ: إبْدَالُهُ وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ (نَصًّا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْمِرْدَاوِيُّ كِتَابًا لَطِيفًا فِي رَدِّ الْمُنَاقَلَةِ، وَأَجَادَ، وَأَفَادَ (إلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ) أَيْ: الْوَقْفِ (الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ بِخَرَابٍ) لَهُ أَوْ لِمَحَلَّتِهِ (أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَرُدُّ) الْوَقْفُ (شَيْئًا) عَلَى أَهْلِهِ (أَوْ يَرُدُّ شَيْئًا لَا يُعَدُّ نَفْعًا) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَتَتَعَذَّرُ عِمَارَتُهُ، وَعَوْدُ نَفْعِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَقْفِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ.

(وَلَوْ) كَانَ الْخَارِبُ الَّذِي تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ مَنْفَعَتُهُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (مَسْجِدًا حَتَّى يُضَيِّقَهُ عَلَى أَهْلِهِ) الْمُصَلِّينَ بِهِ.

(وَتَعَذَّرَ تَوْسِيعُهُ) فِي مَحَلِّهِ (أَوْ) كَانَ مَسْجِدًا، وَتَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ ل (خَرَابِ مَحَلَّتِهِ) أَيْ: النَّاحِيَةِ الَّتِي بِهَا الْمَسْجِدُ (أَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (قَذِرًا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ) ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَفِي إبْقَائِهِ إذَنْ إضَاعَةٌ، فَوَجَبَ الْحِفْظُ بِالْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالثَّمَرَةِ لَا بِعَيْنِ الْأَصْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَمَنْعُ الْبَيْعِ إذَنْ مُبْطِلٌ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَاهُ الْوَقْفُ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ فِيمَا نَقُولُ بَقَاءً لِلْوَقْفِ بِمَعْنَاهُ حِينَ تَعَذَّرَ الْإِبْقَاءُ بِصُورَتِهِ فَيَكُونُ مُتَعَيِّنًا، وَعُمُومُ " لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا " مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ تَأَهُّلِ الْمَوْقُوفِ لِلِانْتِفَاعِ الْمَخْصُوصِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَيَجُوزُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ، وَيُعَمَّرُ بِثَمَنِهِ مَسْجِدٌ آخَرُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ يُحْتَجْ

<<  <  ج: ص:  >  >>