للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ]

ِ يَعْنِي: الْمَأْخُوذَةَ مِنْ الْكُفَّارِ بِقِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَهِيَ) أَيْ: الْأَرَضُونَ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ) لِلِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدُهَا: مَا فُتِحَ عَنْوَةً أَيْ: قَهْرًا أَوْ غَلَبَةً) ، مِنْ عَنَا يَعْنُو إذَا ذَلَّ، وَخَضَعَ (وَهِيَ) شَرْعًا (مَا أُجْلِيَ عَنْهَا أَهْلُهَا بِالسَّيْفِ، فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ تَخْيِيرَ مَصْلَحَةٍ) كَالتَّخْيِيرِ فِي الْأُسَارَى، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَرَاهُ أَصْلَحَ (لَا) تَخْيِيرَ تَشْبِيهٍ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ (بَيْنَ قِسْمَتِهَا) عَلَى الْغَانِمِينَ (كَمَنْقُولٍ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَسَمَ نِصْفَ خَيْبَرَ، وَوَقَفَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ، وَحَوَائِجِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ (فَتُمْلَكُ) الْأَرْضُ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَقُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (بِهِ) أَيْ: بِقَسْمِهَا (وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْغَانِمِينَ.

(وَلَا) خَرَاجَ أَيْضًا (عَلَى مَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَالْمَدِينَةِ، أَوْ صُولِحَ أَهْلُهُ) عَلَى (أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ، كَأَرْضِ الْيَمَنِ، وَالْحِيرَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَدِينَةٍ قُرْبَ الْكُوفَةِ (وَبَانِقْيَا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتُ (أَوْ أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَأَرْضِ الْبَصْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ (وَبَيْنَ وَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ) كَمَا وَقَفَ عُمَرُ الشَّامَ، وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقَ، وَسَائِرَ مَا فَتَحَهُ، وَأَقَرَّهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ.

، وَعَنْ عُمَرَ قَالَ " أَمَا، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا أَيْ: لَا شَيْءَ لَهُمْ - مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا لَهُمْ خِزَانَةً يَقْتَسِمُونَهَا " - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (بِلَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ الْوَقْفُ) .

؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ فَحُكْمُهَا قَبْلَ الْوَقْفِ حُكْمُ الْمَنْقُولِ، وَقَالَ فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ: مَعْنَى وَقَفَهَا: تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا لَمْ يَقْسِمْهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، لَا أَنَّهُ أَنْشَأَ تَحْبِيسَهَا، وَتَسْبِيلَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا عُمَرُ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ (فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا، وَنَحْوُهُ) كَهِبَتِهَا بَعْدَ وَقْفِهَا كَسَائِرِ الْوُقُوفِ.

، وَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ (وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا) الْإِمَامُ بَعْدَ وَقْفِهَا (خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا، يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَمُعَاهَدٍ يَكُونُ أَجْرُهُ لَهَا) لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>