للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ أَنَّهُ مَسَحَ الرَّأْسَ وَاحِدَةً وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالُوا فِيهَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا، كَمَا ذَكَرُوا فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَحَادِيثُهُمْ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ صَرِيحٌ لَا يُقَالُ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ مَرَّةً وَاحِدَةً، لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَثَلَاثًا لِيُبَيِّنَ الْفَضِيلَةَ، كَمَا فَعَلَ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي هَذَا طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ طُهُورُهُ عَلَى الدَّوَامِ.

[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

فَصْلٌ (ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ (ثَلَاثًا) لِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ (إلَى الْكَعْبَيْنِ) أَيْ: كُلُّ رِجْلٍ تُغْسَلُ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَلَوْ أَرَادَ كِعَابَ جَمِيعِ الْأَرْجُلِ لَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] ؛ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي تَوْزِيعَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ، كَقَوْلِهِ: رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ وَنَحْوِهِ (وَهُمَا) أَيْ: الْكَعْبَانِ (الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيْ رِجْلِهِ) قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ «النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ أَحَدُنَا يُلْصِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَوْ كَانَ مِشْطُ الْقَدَمِ لَمْ يَسْتَقِمْ (وَيَجِبُ إدْخَالُهُمَا فِي الْغَسْلِ) لِمَا سَبَقَ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ وَجَبَ غَسْلُ مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ (أَصْلًا) بِأَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ دُونِ الْمِرْفَقِ، أَوْ رِجْلُهُ مِنْ دُونِ الْكَعْبِ (أَوْ تَبَعًا كَرَأْسِ عَضُدِ) يَدٍ قُطِعَتْ عَنْ مَفْصِلِ الْمِرْفَقِ.

(وَ) رَأْسِ (سَاقٍ) قُطِعَتْ مِنْ مَفْصِلِ كَعْبٍ (وَكَذَا يَتَيَمَّمُ) إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَجَبَ مَسْحُ مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَصْلًا أَوْ تَبَعًا (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ) مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِأَنْ قُطِعَتْ الْيَدُ مِنْ فَوْقِ الْمِرْفَقِ أَوْ الرِّجْلُ مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ (سَقَطَ) ذَلِكَ الْفَرْضُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ مَحَلَّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>