للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمِ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ لِمُسْتَحَبٍّ إلَّا بِإِذْنِهِمَا كَسَفَرِ الْجِهَادِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ فِي الْحَضَرِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُهُمَا وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَعْتَبِرُهُ.

وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَلَهُمَا) أَيْ: الْأَبَوَيْنِ (مَنْعُهُ مِنْ) الْحَجِّ (التَّطَوُّعِ وَمِنْ كُلِّ سَفَرٍ مُسْتَحَبٍّ كَالْجِهَادِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ لَهُمَا مَنْعَهُ مِنْ الْجِهَادِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛؛ لِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَعَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، (وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُمَا تَحْلِيلُهُ) مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ لِوُجُوبِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (فِيهِ وَيَلْزَمُهُ طَاعَتِهِمَا فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ) لِعُمُومِ الْأَوَامِرِ بِبِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ طَاعَتُهُمَا.

(وَتَحْرُمُ طَاعَتُهُمَا فِيهَا) أَيْ: الْمَعْصِيَةِ لِحَدِيثِ «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» وَلَوْ أَمَرَهُ وَالِدُهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ إمَامًا مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ (أَخَّرَهَا) وُجُوبًا لِوُجُوبِ طَاعَتِهِ وَتَقَدَّمَ.

(وَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِلْوَالِدِ (مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ) وَنَحْوِهَا مِنْ التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى سَفَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْآدَابِ.

(وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ مُبَذِّرٍ تَحْلِيلُهُ) مِنْ إحْرَامِهِ (إنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَزَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفَقَةِ الْإِقَامَةِ وَلَمْ يَكْتَسِبْهَا) فِي سَفَرِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَيُحَلَّلُ بِالصَّوْمِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَزِدْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفَقَةِ الْإِقَامَةِ أَوْ زَادَتْ وَاكْتَسَبَهَا فِي سَفَرِهِ (فَلَا) يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ إذَنْ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: وَلِيُّ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ (مَنْعُهُ مِنْ حَجِّ فَرْضٍ وَلَا تَحْلِيلُهُ مِنْهُ) كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَوْمِهِ، (وَيَدْفَعُ نَفَقَتَهُ إلَى ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ) فَيَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ فِي التَّصَرُّفِ لَهُ.

(وَلَا يُحَلَّلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مَدِينٌ) أَيْ: لَا يُحَلِّلُ الْغَرِيمُ مَدِينَهُ إذَا أَحْرَمَ لِوُجُوبِ إتْمَامِهِ بِالشُّرُوعِ، (وَيَأْتِي فِي) كِتَابِ (الْحَجِّ) وَالْعُمْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَالْحَجِّ.

[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

فَصْلٌ الشَّرْطُ الْخَامِسُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ دُونَ إجْزَائِهَا (الِاسْتِطَاعَةُ) .

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] فَ (مَنْ) " بَدَلٌ مِنْ النَّاسِ " فَتَقْدِيرُهُ: وَلِلَّهِ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ وَلِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ شَرْعًا وَعَقْلًا (وَهِيَ) أَيْ: الِاسْتِطَاعَةُ (أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>