لِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِإِتْلَافِهِ (وَظَاهِره) أَيْ ظَاهِرُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا يَابِسًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ إذَا تَلِفَ.
(وَلَوْ لَمْ يُتْلِفهُ) أَيْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّط فِيهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِقْرَارُ فِيهِ عَلَى الْوَضْعِ بِالْمِسْطَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى وَضْعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَا بِتَمْرٍ وَلَا بِزَبِيبٍ فَيَكُونُ اسْتِقْرَارُهَا بِمُجَرَّدِ انْتِهَاءِ نُضْجِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا) أَيْ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ (بَقِيَا فِي ذِمَّتِهِ فَيُخْرِجُهُ) أَيْ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ (إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ) كَبَاقِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لَا بَدَلَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَزَكَاتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «حُمِلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ شِرَاءَهَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي أَنْ يُمَاكِسَهُ فِي ثَمَنِهَا وَرُبَّمَا سَامَحَهُ طَمَعًا مِنْهُ بِمِثْلِهَا أَوْ خَوْفًا مِنْهُ إذَا لَمْ يَبِعْهَا أَنْ لَا يَعُودَ يُعْطِيه فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكُلُّ هَذِهِ مَفَاسِدُ فَوَجَبَ حَسْمُ الْمَادَّةِ (وَسَوَاء اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي فَرَسِ حَمِيلٍ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ: يَقْتَضِي الْفَرْقَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَيْنِ الزَّكَاةِ وَنَقَلَ حَنْبَلُ وَمَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ فَلَا.
(وَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ) زَكَاتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ (بِإِرْثٍ) طَابَتْ لَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ» رَوَاهُ جَمَاعَةٌ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيَّ (أَوْ) عَادَتْ إلَيْهِ ب (هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ دَيْنِهِ) طَابَتْ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْإِرْثِ (أَوْ رَدَّهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا (لِمَا يَأْتِي) فِي الْبَابِ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ.
[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]
فَصْلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا لَحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute