الْبَيْتِ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى مُقْتَضَى مَا فِي الْإِجَارَةِ: إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ رَبِّ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمَا.
أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَحْدَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْبَيْتِ (الصُّلْحُ عَلَى زَوَالِهِ) أَيْ إزَالَةِ الْعُلْوِ عَنْ بَيْتِهِ (أَوْ) الصُّلْحُ بَعْدَ انْهِدَامِهِ عَلَى (عَدَمِ عَوْدِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مَا صَالَحَهُ بِهِ مِثْلَ الْعِوَضِ الَّذِي صُولِحَ بِهِ عَلَى وَضْعِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ هَذَا عِوَضٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ فَيَصِحُّ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِوَارِ]
ِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَجَاءَ فِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا الْفَصْلُ وُضِعَ لِبَيَانِ مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ.
(وَإِنْ حَصَلَ فِي هَوَائِهِ) الْمَمْلُوكِ لَهُ هُوَ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (أَوْ) فِي (هَوَاءِ جِدَارٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) فِي عَيْنِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ) أَوْ حَصَلَتْ الْأَغْصَانُ عَلَى جِدَارِهِ (فَطَالَبَهُ) أَيْ طَالَبَ رَبُّ الْعَقَارِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ صَاحِبَ الْأَغْصَانِ (بِإِزَالَتِهَا لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ رَبَّ الْأَغْصَانِ إزَالَتُهَا لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ فَوَجَبَ إزَالَةُ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ كَالدَّابَّةِ إذَا دَخَلَتْ مِلْكَهُ وَطَرِيقُهُ: إمَّا بِالْقَطْعِ أَوْ لَيِّهِ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَسَوَاءٌ أَثَّرَ ضَرَرًا أَوْ لَا (فَإِنْ أَبَى) رَبُّ الْأَغْصَانِ إزَالَتَهَا (لَمْ يُجْبَرْ) لِأَنَّهُ أَيْ حُصُولَهَا فِي هَوَائِهِ (لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَيَضْمَنُ رَبُّهَا) أَيْ الْأَغْصَانِ (مَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) قَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ.
وَصَحَّحَ فِي الْإِنْصَافِ عَدَمَ الضَّمَانِ وَنُقِلَ الضَّمَانُ عَنْ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرَحَ ابْنُ رَزِينٍ وَنَقَلَ فِي الْمُبْدِعِ عَنْ الشَّرْحِ أَنَّهُ قَدَّمَ عَدَمَ الضَّمَانِ قُلْتُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ فِيمَنْ مَالَ حَائِطُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، بَلْ جَعَلَ فِي الْمُغْنِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةً عَلَى تِلْكَ (وَلِمَنْ حَصَلَتْ) الْأَغْصَانُ (فِي هَوَائِهِ إزَالَتُهَا) إذَا أَبَى مَالِكُهَا (بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ إخْلَاءُ مِلْكِهِ الْوَاجِبِ إخْلَاؤُهُ (فَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ رَبَّ الْهَوَاءِ (إزَالَتُهَا) أَيْ الْأَغْصَانِ (بِلَا إتْلَافٍ) لَهَا (وَلَا قَطْعٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute