للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةَ خَائِفٍ بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ مَاشٍ حِرْصًا عَلَى إدْرَاكِ الْحَجِّ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ كَالشَّيْءِ الْحَاصِلِ، وَالْفَوَاتُ طَارِئٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ عَنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْغَرِيمِ الظَّالِمِ فِي حَقِّ الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ بِخَوْفِهِ مِنْ حَبْسِهِ إيَّاهُ أَيَّامًا.

(وَمَنْ خَافَ كَمِينًا أَوْ مَكِيدَةً أَوْ مَكْرُوهًا) كَهَدْمِ سُورٍ أَوْ طَمِّ خَنْدَقٍ إنْ اشْتَغَلَ بِصَلَاةِ الْأَمْنِ (صَلَّى صَلَاةَ خَوْفٍ) وَلَا إعَادَةَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.

قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ عَلِمُوا أَنَّ الطَّمَّ وَالْهَدْمَ لَا يَتِمُّ لِلْعَدُوِّ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ صَلَّوْا صَلَاةَ أَمْنٍ (وَكَذَلِكَ الْأَسِيرُ إذَا خَافَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ (عَلَى نَفْسِهِ إنْ صَلَّى، وَالْمُخْتَفِي فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ أَنْ يُظْهَرَ عَلَيْهِ صَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا كَيْفَمَا أَمْكَنَهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَمُسْتَلْقِيًا إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا بِالْإِيمَاءِ حَضَرًا وَسَفَرًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

(وَمَنْ أَمِنَ فِي الصَّلَاةِ) انْتَقَلَ وَبَنَى وَأَتَمَّهَا صَلَاةَ أَمْنٍ (أَوْ خَافَ) فِي الصَّلَاةِ (انْتَقَلَ وَبَنَى) وَأَتَمَّهَا صَلَاةَ خَائِفٍ لِأَنَّ بِنَاءَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَعَكْسُهُ.

(وَمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَلَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ) عَدُوٌّ (وَثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ (مَانِعٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ كَبَحْرٍ وَنَحْوِهِ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُبِيحُ أَشْبَهَ مَنْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ ثُمَّ عَلِمَ بِحَدَثِهِ وَسَوَاءٌ اسْتَنَدَ ظَنُّهُ لِخَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ عَدُوٌّ لَكِنْ يَقْصِدُ غَيْرَهُ) لَمْ يُعِدْ لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هَجْمَهُ.

(أَوْ خَافَ مِنْ التَّخَلُّفِ عَنْ الرُّفْقَةِ عَدُوًّا فَصَلَّى سَائِرًا، ثُمَّ بَانَ سَلَامَةُ الطَّرِيقِ) أَيْ أَمِنَهَا (لَمْ يُعِدْ) لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ.

(وَإِنْ خَافَ هَدْمَ سُورٍ أَوْ طَمَّ خَنْدَقٍ إنْ صَلَّى آمِنًا صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ) ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (مَا لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ الطَّمَّ لَا يَتِمُّ وَالْهَدْمَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَيُصَلِّي صَلَاةَ أَمْنٍ.

(وَصَلَاةُ النَّفْلِ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ فِعْلُهَا) لِلْخَائِفِ (كَالْفَرْضِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ أَوْ لَمْ تُشْرَعْ لَهُ الْجَمَاعَةُ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ قَرِيبًا.

[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ، حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ وَالْأَصْلُ الضَّمُّ وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ: لِجَمْعِهَا الْجَمَاعَاتِ، وَقِيلَ: لِجَمْعِ طِينِ آدَمَ فِيهَا وَقِيلَ: لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>