آدَمَ جُمِعَ فِيهَا خَلْقُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُمِعَ مَعَ حَوَّاءَ فِي الْأَرْضِ فِيهَا وَفِيهِ خَبَرٌ مَرْفُوعً وَقِيلَ: لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَاسْمَهُ الْقَدِيمُ: يَوْمُ الْعُرُوبَةُ، وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ (وَهِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ (لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِنِيَّةِ الظُّهْرِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ) الْجُمُعَةُ (عَلَيْهِ) كَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ (وَلِجَوَازِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَبْلَ الزَّوَالِ) وَلِأَنَّهُ (لَا) يَجُوزُ أَنْ تُفْعَلَ (أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) لِمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ.
(وَلَا تُجْمَعُ) مَعَ الْعَصْرِ (فِي مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، لِعُذْرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ.
(وَ) صَلَاةُ الْجُمُعَةِ (أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ) بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أُذِنَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَجْمَعَ بِمَكَّةَ فَكَتَبَ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَانْظُرْ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي تَجْهَرُ فِيهِ الْيَهُودُ بِالزَّبُورِ، لِسَبْتِهِمْ فَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ فَإِذَا مَالَ النَّهَارُ عَنْ شَطْرِهِ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَتَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ بِرَكْعَتَيْنِ» فَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ حَتَّى قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَجَمَعَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: هُوَ أَنَّ أَسْعَدَ جَمَعَ النَّاسَ فَإِنَّ مُصْعَبًا كَانَ نَزِيلُهُمْ وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَيُقْرِئُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْإِسْلَامَ وَكَانَ يُسَمَّى الْمُقْرِئَ، فَأَسْعَدُ دَعَاهُمْ وَمُصْعَبُ صَلَّى بِهِمْ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمُعَةٌ بِجُوَاثَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ: فُعِلَتْ بِمَكَّةَ عَلَى صِفَةِ الْجَوَازِ، وَفُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ انْتَهَى) لِأَنَّ سُورَةَ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فُعِلَتْ بِمَكَّة: أَيْ فُعِلَتْ الْجُمُعَةُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْوُجُوبِ إذْ آيَةُ الْجُمُعَةِ بَلْ سُورَتُهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ.
(وَلَيْسَ لِمَنْ قُلِّدَهَا) أَيْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ (أَنْ يَؤُمَّ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) أَيْ فِي ظُهْرٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّ الْمُرَادُ: لَا يَسْتَفِيدُ ذَلِكَ بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ، إذْ إقَامَةُ الصَّلَوَاتِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ.
(وَلَا لِمَنْ قُلِّدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ، لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْخَمْسِ لَهَا، وَالْمُرَادُ كَمَا سَبَقَ (وَلَا مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute