وَعِنْدَ نُوَّابِهِ بِالْبُلْدَانِ فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا فَنُوَّابُ الْأَمِيرِ كَالْوَالِي وَالْمُحْتَسِبِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ وِلَايَتُهُ مِنْهُ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ.
(وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ انْعَزَلَ) قَاضِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ.
(وَلَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ فَوَلَّى غَيْرَهُ) وَكَانَ (فَبَانَ) الْمُخْبِرُ عَنْهُ (حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ) لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى صِحَّةِ الْأَخْبَارِ وَكَذَا كُلُّ مَا رُتِّبَ عَلَى أَنَّهَا فَاسِدَةٌ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَجْعَلَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ (وَإِنْ نَهَاهُ) أَيْ نَهَى الْإِمَامُ الْقَاضِي (عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ) غَيْرَهُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِمَامُ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (فَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (ذَلِكَ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَجَعْلًا لَهُ كَالْوَصِيِّ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ عُرْفًا أَوْ يَشُقُّ وَهَذَا الثَّانِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْوِكَالَةِ تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ وَقَالَ عَنْهُ هُنَاكَ فِي الْإِنْصَافِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ نَقْلنَا كَلَامَهُ فِي الْحَاشِيَةِ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُوَلِّ وَيُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّائِبِ لِمَا نَوَاهُ.
(وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ (تَوَلِّيَةِ قَضَاءٍ وَتَوْلِيَةِ إمَارَةٍ) بَلَدٍ أَوْ سَرِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (بِشَرْطٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ وِلَايَةَ الْإِمَارَةِ بَعْدَ زَيْدٍ عَلَى شَرْطٍ فَكَذَا وِلَايَة الْحُكْمِ.
(فَإِذَا قَالَ الْمُوَلِّي: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَهُوَ خَلِيفَتِي أَوْ نَفَّذَ وِلَايَتَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ لِمَنْ يَنْظُرُ) مِنْهُمَا (لِجَهَالَةِ الْمُوَلَّى مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ بِالْوِلَايَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ (وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ: (وَلَّيْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي؛ انْعَقَدَتْ لِمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا النَّظَرُ) لِأَنَّهُ وَلَا هُمَا جَمِيعًا ثُمَّ عَيَّنَ السَّابِقَ مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ]
ٍ: أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا) لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يُنَفِّذُ قَوْلَهُ فِي نَفْسِهِ، فَلِئَلَّا يَنْعَقِدَ فِي غَيْرِهِ أَوْلَى وَهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا وَالْقَاضِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى غَيْرِهِ وَبَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مُنَافَاةٌ (ذَكَرًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمَرَهُمْ امْرَأَةً» وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةُ الْعَقْلِ قَلِيلَةُ الرَّأْيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute