جِنَايَةً فَشِبْهُ عَمْدٍ مُحَرَّمٌ) وَقَدْ يَقْوَى فَيُلْحَقُ بِالْعَمْدِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ (وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ) لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ) فِي الْخَطَإِ (وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ) فِي الْخَطَإِ وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَاهُ (وَلَوْ قَالَ) الْقَاتِلُ (كُنْتُ حَالَ الْقَتْلِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُوجِبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهُ بِأَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ حَالُ جُنُونٍ وَنَحْوُهُ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ قَالَ أَنَا الْآنَ صَغِيرٌ وَاحْتُمِلَ صُدِّقَ وَلَا يَمِينَ (وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ) .
[فَصْلٌ وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ]
(" فَصْلٌ " وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ إذَا كَانَ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَالِحًا لِلْقَتْلِ بِهِ) وَانْفَرَدَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَتَى قُتِلَ بِهِ أُتْلِفَ بِهِ فَلَوْ لَمْ يُشْرَعْ الْقِصَاصُ فِي الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ لَبَطَلَتْ الْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ، وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفٌ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَوَجَبَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَالدِّيَةِ أَنَّ الدَّمَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِلْقَتْلِ؛ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَجَرٍ صَغِيرٍ فَمَاتَ (فَلَا) قِصَاصَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ (مَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى ذَلِكَ) الْفِعْلِ لِيَقْتُلُوهُ بِهِ فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى دَرْءِ الْقِصَاصِ.
(وَإِنْ عَفَا عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ الْقَاتِلِينَ (الْوَلِيُّ سَقَطَ الْقَوَدُ) لِلْعَفْوِ (وَوَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْقَتْلَ وَاحِدٌ فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ قَتَلُوهُ خَطَأً (وَيَأْتِي حُكْمُ الِاشْتِرَاكِ فِي) قَطْعِ (الطَّرِيقِ فِي) بَابِ (مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَإِنْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ جُرْحًا وَ) جَرَحَهُ (الْآخَرُ مِائَةً) وَمَاتَ (فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ) لِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي يُفْضِي إلَى سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ؛ إذْ لَا يَكَادُ جُرْحَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute