اثْنَيْنِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا الْقَتْلَ بِالشَّهَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ، كَذَا لَوْ أَكْذَبَ الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُمْ (وَإِنْ صَدَّقَ) الْوَلِيُّ الشَّاهِدَيْنِ (الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْآخَرَيْنِ (حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا) لِعَدَمِ مَا يَدْفَعُهَا (وَقُتِلَ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ وَهُمَا الْأَخِيرَانِ لِثُبُوتِ الْقَتْلِ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا مَحْضًا.
[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) (وَاحِدُهَا شَهَادَةٌ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُخْبِرُ عَمَّا شَاهَدَهُ يُقَالُ شَهِدَ الشَّيْءُ إذَا دَامَ قِيلَ لِمَحْضَرِ النَّاسِ مَشْهَدَ لِمُشَاهَدَتِهِمْ فِيهِ مَا يَحْضُرُهُمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] أَيْ عَلِمَهُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَوْ إخْبَارِ مَنْ رَآهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] الْآيَةُ وَقَوْلُهُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَنَحْوُهُ مِمَّا سَبَقَ مُفَصَّلًا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّجَاحُدِ قَالَ شُرَيْحٌ الْقَضَاءُ جَمْرٌ فَنَحِّهِ عَنْكَ بِعُودَيْنِ يَعْنِي الشَّاهِدَيْنِ وَإِنَّمَا الْخَصْمُ دَاءٌ وَالشُّهُود شِفَاءٌ فَأَفْرِغْ الشِّفَاءَ عَلَى الدَّاءِ (تُطْلَقُ) الشَّهَادَةُ (عَلَى التَّحَمُّلِ وَ) عَلَى (الْأَدَاءِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] .
وَقَالَ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] الْآيَةَ وَإِنَّمَا خُصَّ الْقَلْبُ بِالْإِثْمِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْعِلْمِ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الشَّهَادَةُ (حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ) أَيْ تُبَيِّنُ (الْحَقَّ) الْمُدَّعَى بِهِ (وَلَا تُوجِبُهُ) بَلْ الْقَاضِي يُوجِبُهُ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الشَّهَادَةُ وَلَوْ عَطَفَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَنْسَبَ (الْإِخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ) وَهُوَ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ بِكَذَا.
(وَتَحَمُّلُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّه) تَعَالَى (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادُ بِهِ التَّحَمُّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute