للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلشَّهَادَةِ وَإِثْبَاتُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ يَكْفِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كُلُّهَا أَمْوَالًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَإِذَا تَحَمَّلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ الْوَاجِبَةَ (وَجَبَتْ كِفَايَتُهَا وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ رَدِيءِ الْحِفْظِ) لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ امْتَنَعَتْ كِتَابَتُهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ (وَأَدَاؤُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ (فَرْضُ عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وَإِنْ قَامَ بِالْفَرْضِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ اثْنَانِ سَقَطَ الْوُجُوبُ (عَنْ الْجَمِيعِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ لَكِنَّ الْأَدَاءَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ وَمُتَابِعِيهِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْكُلُّ) أَيْ مِنْ التَّحَمُّلِ أَوْ الْأَدَاءِ (أَثِمُوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] .

(وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ التَّحَمُّلِ وَ) وُجُوبِ (الْأَدَاءِ أَنْ يُدْعَى إلَيْهِمَا مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] .

(وَ) أَنْ (يَقْدِرَ) الشَّاهِدُ (عَلَيْهِمَا بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ عِرْضِهِ وَلَا تَبَذُّلَ فِي التَّزْكِيَةِ) أَيْ وَبِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ بِتَبَذُّلِ نَفْسِهِ إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ تَزْكِيَتَهَا فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ لِقَوْلِهِ {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] .

(وَيَخْتَصُّ الْأَدَاءُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ) لِأَنَّ السَّمَاعَ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَدْلٍ فَنَقَلَ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ كَيْف أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلًا لَا يَشْهَدُ (وَمَنْ تَحَمَّلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ (أَوْ رَأَى فِعْلًا أَوْ سَمِعَ قَوْلًا بِحَقِّ) آدَمِيٍّ (لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْقَرِيبِ) عُرْفًا (وَ) عَلَى (الْبَعِيدِ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) دُونَ مَا فَوْقَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ) أَيْ ذُو الْقَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ مُسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الشَّهَادَةِ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥] وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَمَانَةٌ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا كَالْوَدِيعَةِ (وَلَوْ أَدَّى شَاهِدٌ وَأَبَى الْآخَرُ وَقَالَ) لِرَبِّ الْحَقِّ (احْلِفْ أَنْتَ بَدَلِي أَثِمَ) اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى تَحَمُّلِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (فَلَهُ الْحُضُورُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>