للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْبَيْع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَالًا]

فَصْلٌ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَالًا لِأَنَّهُ مُقَابَلٌ بِالْمَالِ، إذْ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ: الْمَالُ شَرْعًا: (مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ضَرُورَةٍ) فَخَرَجَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَصْلًا كَالْحَشَرَاتِ وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلْحَاجَةِ كَالْكَلْبِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ وَخَمْرٍ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا " تَنْبِيهٌ " ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا كَغَيْرِهِ: أَنَّ النَّفْعَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي حَدِّ الْبَيْعِ صِحَّتَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا: كَوْنُ الْمَبِيعِ مَالًا أَوْ نَفْعًا مُبَاحًا مُطْلَقًا أَوْ يُعَرَّفُ الْمَالُ بِمَا يَعُمُّ الْأَعْيَانَ وَالْمَنَافِعَ (فَيَجُوزُ بَيْعُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ وَعَقَارٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ وَدَقِيقٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ ذَلِكَ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَقِيَاسًا، لِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ النَّصُّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا وَرَدَ.

(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (دُودِ قَزٍّ وَبَزْرِهِ) قَبْلَ أَنْ يَدِبَّ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْحَرِيرُ الَّذِي هُوَ أَفْخَرُ الْمَلَابِسِ، بِخِلَافِ الْحَشَرَاتِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا.

(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَا يُصَادُ عَلَيْهِ كَبُومَةٍ) يَجْعَلُهَا (شَبَاشًا) وَهُوَ طَائِرٌ تُخَاطُ عَيْنَاهُ وَيُرْبَطُ لِيَنْزِلَ عَلَيْهِ الطَّيْرُ فَيُصَادُ.

(وَيُكْرَهُ فِعْلُ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِهَا (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (دِيدَانٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (عَلَقٍ لِمَصِّ دَمٍ وَ) .

يَصِحُّ (بَيْعُ طَيْرٍ لِقَصْدِ صَوْتِهِ كَبُلْبُلٍ وَهَزَارٍ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا (وَ) كَذَا (بَبَّغَاءٌ وَهِيَ الدُّرَّةُ وَ) كَذَا (نَحْوُهَا) كَقُمْرِيٍّ.

(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (نَحْلٍ مُنْفَرِدًا عَنْ كُوَّارَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهِ شَرَابٌ فِيهِ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ فَهُوَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهُ خَارِجًا عَنْ كُوَّارَتِهِ مَعَهَا (بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِلْغَرَرِ (وَفِيهَا) أَيْ: وَيَصِحُّ بَيْعُ نَحْلٍ فِي كُوَّارَتِهِ (مَعَهَا) إذَا شُوهِدَ دَاخِلًا إلَيْهَا.

(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ النَّحْلِ فِي كُوَّارَتِهِ (بِدُونِهَا إذَا شُوهِدَ دَاخِلًا إلَيْهَا) أَيْ: إلَى كُوَّارَتِهِ هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِفَتْحِ رَأْسِهَا) أَيْ: الْكُوَّارَةِ (وَمُشَاهَدَتِهِ) أَيْ: النَّحْلِ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ دَاخِلًا إلَيْهَا، بَلْ يَكْفِي رُؤْيَتُهُ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ قَالَ (وَخَفَاءُ بَعْضِهِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ) أَيْ صِحَّةَ الْبَيْعِ (كَالصُّبْرَةِ) لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِهَا اسْتِتَارُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>