للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَاخْتَارَ الشَّيْخُ سَمَاعَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثُّبُوتِ بِلَا خَصْمٍ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ بِالثُّبُوتِ الْمَحْضِ يَصِحُّ بِلَا دَعْوَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ (وَأَجَازَهُمَا) أَيْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ (الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا و) بَعْضُ (الشَّافِعِيَّةِ فِي الْعُقُودِ وَالْأَقَارِيرِ وَغَيْرِهَا بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُظْهِرُ النِّزَاعَ وَلَيْسَ مُنَازِعًا فِي الْحَقِيقَةِ.

(وَقَالَ الشَّيْخُ وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا وَأَصْلِ مَالِكٍ فَإِمَّا أَنْ تُمْنَعَ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازِعٍ) أَيْ فَلَا تُسْمَعُ عَلَى الْخَصْمِ الْمُسَخَّرِ (فَتَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيَحْكُمُ بِلَا خَصْمٍ وَذَكَر بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَ) بَعْضُ (الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّا نَسْمَعُهَا عَلَى غَائِبٍ وَمُمْتَنِعٍ وَنَحْوِهِ) كَمَيِّتٍ (فَمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى فَإِنَّ الْمُشْتَرِي مَثَلًا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ فَلَا يَدَّعِي وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَقْصُودُ سَمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةُ وَحُكْمُهُ بِمُوجَبِهَا مِنْ غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْر مُدَّعٍ عَلَى أَحَدٍ لَكِنْ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ وَحَاجَةِ النَّاسِ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لِرَفْعِهِ انْتَهَى) .

قَالَ فِي التَّنْقِيحِ (وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوِيٌّ) أَيْ فِي النَّظَرِ قُلْت: وَإِذَا حَكَمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ مُقَابِلًا لِمَا قَدَّمُوهُ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا انْتَهَى.

[فَصْلٌ إذَا جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ خَصْمَانِ سُنَّ أَنْ يُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ]

ِ (إذَا جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ خَصْمَانِ سُنَّ أَنْ يُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ: " وَلَكِنْ أَجْلِسُ مَعَ خَصْمِي مَجْلِسًا بَيْنَ يَدَيْ زَيْدٍ " وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ خَاصَمَ الْيَهُودِيَّ دِرْعَهُ إلَى شُرَيْحٍ " لَوْ أَنَّ خَصْمِي مُسْلِمٌ لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدِكَ ".

(ثُمَّ إنْ شَاءَ) الْقَاضِي (قَالَ) لِلْخَصْمَيْنِ (مَنْ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا) لِأَنَّ سُؤَالَهُ عَنْ الدَّعْوَى مِنْهُمَا لَا تَخْصِيصَ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ شَاءَ) الْقَاضِي (سَكَتَ حَتَّى يَبْتَدِئَا) أَيْ حَتَّى تَكُونَ الْبَدَاءَةُ بِالْكَلَامِ مِنْ جِهَتِهِمَا (وَلَا يَقُولُ هُوَ) أَيْ الْقَاضِي (وَلَا صَاحِبُهُ) أَيْ الْقَائِمُ عَلَى رَأْسِهِ (لِأَحَدِهِمَا تَكَلَّمْ) لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِأَحَدِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>