[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]
(فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي: الْبَقَرُ) وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَدَخَلَتْ الْهَاءُ عَلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ جِنْسِ الْبَقَرَاتِ الْجَمِيع وَالْبَاقِرُ جَمَاعَةُ الْبَقَرِ مَعَ رُعَاتِهَا وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ بَقَرْتُ الشَّيْءَ إذَا شَقَقْتُهُ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ بِالْحِرَاثَةِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا: الْإِجْمَاعُ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ، تَنْطِحُهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا - قَعَدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ أُولَاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ) فَهِيَ أَقَلُّ نِصَابِهَا (فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، لِكُلِّ مِنْهُمَا سَنَةٌ) سُمِّيَا بِذَلِكَ: لِأَنَّهُمَا يَتْبَعَانِ أُمَّهُمَا.
وَالتَّبِيعُ الَّذِي اسْتَوَى قَرْنَاهُ (قَدْ حَاذَى قَرْنُهُ أُذُنَهُ غَالِبًا) وَهُوَ جَذَعُ الْبَقَرِ (وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ مُسِنٍّ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ التَّبِيعِ وَظَاهِرِهِ: وَلَوْ كَانَ التَّبِيعُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ مِنْهُ (وَفِي أَرْبَعِينَ) بَقَرَةً (مُسِنَّةً وَهِيَ ثَنِيَّةُ الْبَقَرِ أَلْقَتْ سِنًّا غَالِبًا) وَهِيَ الَّتِي (لَهَا سَنَتَانِ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ أُنْثَى أَعْلَى مِنْهَا) أَيْ: الْمُسِنَّةِ (بَدَلهَا) كَالثَّنِيَّةِ عَنْ الْجَذَعَةِ فِي الْإِبِلِ وَ (لَا) يُجْزِئُ (إخْرَاجُ مُسِنٍّ عَنْهَا) أَيْ: عَنْ الْمُسِنَّةِ، كَإِخْرَاجِ حِقٍّ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ.
(وَفِي السِّتِّينَ تَبِيعَانِ، ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: مُسِنَّةٌ) لِحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَل قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ أَنَّ مُعَاذًا قَالَ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُصَدِّقُ أَهْلَ الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ: تَبِيعًا وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ آخُذَ مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ وَمَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ وَمَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ، وَقُلْت لَهُمْ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَدِمْتُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute