فِي ذِمَّتِهِ بِدَرَاهِمَ مِنْ جِنْسِ الْأَوْلَى وَعَلَى صِفَتِهَا فَتَحِلُّ الْمُقَاصَّةُ وَيَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّا يُشَارِكهُ فِي الْعِلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَإِذَا اسْتَفْتَى وَاحِدًا أَخَذَ) الْمُسْتَفْتِي (بِقَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ) الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ (بِالْتِزَامِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: لَوْ أَفْتَى الْمُقَلِّدَ مُفْتٍ وَاحِدٌ وَعَمَل بِهِ الْمُقَلِّدُ لَزِمَهُ قَطْعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى فَتْوَى غَيْرِهِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا إجْمَاعًا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالْتِزَامِهِ قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: هَذَا الْأَشْهَرُ.
(وَلَوْ سَأَلَ) الْعَامِّيُّ (مُفْتِيَيْنِ فَأَكْثَرَ فَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ تَخَيَّرَ) صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ: لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ.
وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا: وَالظَّاهِرُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ.
وَفِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى وَيَبْحَثَ عَنْ الرَّاجِحِ بِحَسَبِهِ وَهُوَ أَرْجَحُ الْمَذَاهِبِ السَّبْعَةِ انْتَهَى وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ وَقَدَّمَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي أُصُولِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُفْتِيًا وَاحِدًا لَزِمَهُ قَبُولُهُ) كَمَا لَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ، وَلَا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى الْتِزَامِهِ وَلَا سُكُونِ نَفْسِهِ إلَى صِحَّتِهِ.
(وَلَهُ الْعَمَلُ بِخَطِّ الْمُفْتِي، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْفَتْوَى مِنْ لَفْظِهِ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ خَطُّهُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتُبُ لِعُمَّالِهِ وَوُلَاتِهِ وَسُعَاتِهِ وَيَعْمَلُونَ بِذَلِكَ، وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ قُلْتُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِكُتُبِ الْأَئِمَّةِ إذَا عُلِمَ أَنَّهَا خَطُّهُمْ أَوْ نَقَلَهَا الثِّقَةُ عَنْ خَطِّهِمْ.
[فَصْلٌ وَإِنْ تَحَاكَمَ شَخْصَانِ إلَى رَجُلٍ لِلْقَضَاءِ]
ِ (بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ، نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَالنِّكَاحِ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهَا حَتَّى مَعَ وُجُودِ قَاضٍ فَهُوَ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ) لِمَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: إنَّ قَوْمِي كَانُوا إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ الْفَرِيقَانِ قَالَ فَمَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَنْ أَكْبَرُ وَلَدِكَ؟ قَالَ: شُرَيْحٌ قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute