للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ]

فَصْلٌ وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَإِنَّمَا يَكُونُ فِدَاءً إذَا خَرَجَتْ مِنْ قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَائِنًا لَمَلِكَ الرَّجْعَةَ، وَكَانَتْ تَحْت حُكْمِهِ وَقَبْضَتِهِ، وَلِأَنَّ الْقَصْد إزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْهَا فَلَوْ جَازَتْ الرَّجْعَةُ لَعَادَ الضَّرَرُ (إلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْفَسْخِ أَوْ الْمُفَادَاةِ وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ) وَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَنَّهُ طَلْقَةً بَائِنَةً بِكُلِّ حَالٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ قَالَ لَيْسَ لَنَا فِي الْبَابِ شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسْخ وَاحْتَجَّ ابْن عَبَّاس بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] ثُمَّ قَالَ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَذَكَر تَطْلِيقَتَيْنِ وَالْخُلْعَ وَتَطْلِيقَةً بَعْدَهَا فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ أَرْبَعًا وَلِأَنَّ الْخُلْعَ فُرْقَةٌ خَلَتْ عَنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ، فَكَانَتْ فَسْخًا كَسَائِرِ الْفُسُوخِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ (الْخُلْعَ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِيهِ) لِكَوْنِهَا الْوَارِدَة فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] .

(وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الْخُلْعُ (بَارَيْتُكَ وَأَبْرَأْتُكَ وَأَبَنْتُكَ) لِأَنَّ الْخُلْعَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْفُرْقَةِ فَكَانَ لَهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ كَالطَّلَاقِ (فَمَعَ سُؤَالِ الْخُلْعِ وَبَذْلِ الْعِوَضِ يَصِحُّ) الْخُلْعَ (مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ مِنْ سُؤَالِ الْخُلْعِ وَبَذْلِ الْعِوَضِ صَارِفَةٌ إلَيْهِ) فَأَغْنَتْ عَنْ النِّيَّةِ فِيهِ إنْ لَمْ تَكُنْ دَلَالَةَ حَالٍ، وَ (لَا بُدَّ فِي الْكِنَايَاتِ مِنْ نِيَّةِ الْخُلْعِ مِمَّنْ أَتَى بِهَا) أَيْ الْكِنَايَاتِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَيْنِ كَالطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ (وَإِنْ تَوَاطَآ) أَيْ تَوَافَقَ الزَّوْجَانِ (عَلَى أَنْ تَهَبَهُ) الزَّوْجَةُ (الصَّدَاقَ وَتُبْرِئَهُ) مِنْهُ إنْ كَانَ دَيْنًا أَوْ مِنْ نَحْوِ نَفَقَةٍ أَوْ قَرْضٍ (عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فَأَبْرَأَتْهُ) مِنْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ الصَّدَاقَ إنْ كَانَ عَيْنَا (ثُمَّ طَلَّقَهَا كَانَ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ، فَيَكُونُ طَلَاقًا عَلَى عِوَضٍ.

(وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا) الزَّوْجُ (أَبْرِئِينِي وَأَنَا أُطَلِّقُكِ أَوْ إنْ أَبْرَأْتِينِي طَلَّقْتُكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>