[فَصْلٌ خِيَارُ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي]
فَصْلٌ وَخِيَارُ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْقِصَاصِ فَ (لَا يَسْقُطُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ (دَلَالَةٌ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ) كَقَوْلِهِ: أَسْقَطْتُ الْفَسْخَ وَنَحْوَهُ: رَضِيتُ (أَوْ وَطْءٍ) إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رَغْبَتِهِ فِيهَا (أَوْ تَمْكِينٍ) مِنْ وَطْءٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا لِأَنَّهُ دَلِيلُ رَغْبَتِهَا فِيهِ (مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَا) كَقَوْلِهِ: رَضِيتُ بِالْعَيْبِ.
(فَإِنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ) كَعَامِّيٍّ لَا يُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا (فَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ قَالَهُ الشَّيْخُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَيْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ (وَ) خِيَارُ الْفَسْخِ (فِي الْعُنَّةِ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِ قَوْلِ) امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الْفَسْخِ أَوْ رَضِيتُ بِهِ عِنِّينًا وَنَحْوَهُ لَا بِتَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا لِتَعْلَمَ أَزَالَتْ عُنَّتُهُ أَمْ لَا.
(وَمَتَى زَالَ الْعَيْبُ) قَبْلَ الْفَسْخِ (فَلَا فَسْخَ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ كَالْمَبِيعِ يَزُولُ عَيْبُهُ (وَلَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبٍ) كَبَيَاضٍ بِبَدَنِهِ ظَنَّتْهُ بَرَصًا (فَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ بَطَلَ) أَيْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ (الْفَسْخُ) إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ) لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي فَسْخَهُ (وَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَكُلِّ عَيْبٍ يَنْفِرُ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَيِّمِ) قَالَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهَذِهِ لَا تَمْنَعُهُ، وَالْحُرَّةُ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً فَبَانَتْ دُونَهَا.
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الشَّيْخُوخَةُ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ (فَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ نَفْيَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَنَحْوِهِ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ (أَوْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً وَنَحْوَهُ) بِأَنْ شَرَطَهَا (نَسِيبَةً، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ) لِشَرْطِهِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَتْهُ) حُرًّا (أَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا.
(وَلَوْ بَانَ) أَحَدُهُمَا (عَقِيمًا) فَلَا خِيَارَ لِلْآخَرِ (أَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ فَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ لَا فِي الْإِنْزَالِ وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) .
لِأَنَّهُ فَسْخٌ يُجْتَهَدُ فِيهِ فَافْتُقِرَ إلَيْهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ إلَّا الْحُرَّةَ إذَا غَرَّتْ بِعَبْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute