للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ اللَّقِيطِ]

ِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَقَتِيلٍ وَجَرِيحٍ، وَالْأُنْثَى لَقِيطَةٌ (وَهُوَ) أَيْ: اللَّقِيطُ (طِفْلٌ) لَا مُمَيِّزَ (لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا) يُعْرَفُ (رِقُّهُ، نُبِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: طُرِحَ فِي شَارِعٍ أَوْ بَابِ مَسْجِدٍ، وَنَحْوِهِ (أَوْ ضَلَّ) الطَّرِيقَ مَا بَيْنَ وِلَادَتِهِ (إلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

(وَقِيلَ: وَالْمُمَيِّزُ) لَقِيطٌ أَيْضًا (إلَى الْبُلُوغِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُمَيِّزَ: يَكُونُ لَقِيطًا،؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إذَا الْتَقَطَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مَعًا مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ أُقْرِعَ وَلَمْ يُخَيَّرْ بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ نُبِذَ أَوْ ضَلَّ طِفْلٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ أَوْ مَعْلُومُ الرِّقِّ فَرَفَعَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ لَقِيطٌ لُغَةً لَا شَرْعًا (وَالْتِقَاطُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءُ نَفْسِهِ فَكَانَ وَاجِبًا كَإِطْعَامِهِ إذَا اضْطَرَّ، وَإِنْجَائِهِ مِنْ نَحْوِ غَرَقٍ فَلَوْ تَرَكَهُ جَمِيعُ مَنْ رَآهُ أَثِمُوا، وَيَحْرُمُ النَّبْذُ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالْمَنْبُوذِ لِلتَّلَفِ.

(وَيُسْتَحَبَّ لِلْمُلْتَقِطِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) كَاللُّقَطَةِ، وَدَفْعًا لِنَفْسِهِ لِئَلَّا تُرَاوِدَهُ بِاسْتِرْقَاقِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلْمُلْتَقِطِ الْإِشْهَادُ (عَلَى مَا مَعَهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ مِنْ مَالٍ صَوْنًا لِنَفْسِهِ عَنْ جَحْدِهِ.

(وَهُوَ) أَيْ: اللَّقِيطُ (حُرٌّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ) حَتَّى فِي قَذْفِ، وَقَوَدٍ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّينَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ، وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ فَلَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَهُوَ أَيْضًا (مُسْلِمٌ) لِظَاهِرِ الدَّارِ، وَتَغْلِيبِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ.

(إلَّا أَنْ يُوجَدَ) اللَّقِيطُ (فِي بَلَدِ كُفَّارِ حَرْبٍ وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ) أَيْ: فِي بَلَدِ الْحَرْبِ (أَوْ فِيهِ مُسْلِم كَتَاجِرٍ، وَأَسِيرٍ فَكَافِرٌ رَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَهُمْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ كَانَ أَهْلُهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَلِيلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غَلَبَ فِيهَا حُكْمُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ الدَّارِ لَهُمْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ سَاكِنٌ فَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْحَارِثِيُّ فَقَالَ: مَثَّلَ الْأَصْحَابَ فِي الْمُسْلِمِ هُنَا بِالتَّاجِرِ، وَالْأَسِيرِ، وَاعْتَبَرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>